قال الشيخ الرضي رحمهالله :
أصل «أمّا زيد فقائم» مهما يكن من شيء فزيد قائم ، أي إن يقع في الدنيا شيء يقع قيام زيد ، فهذا جزم بوقوع قيامه وقطع به ؛ لأنّه جعل حصول قيامه لازماً لحصول شيء في الدنيا وما دامت الدنيا ، فلا بدّ من حصول شيء فيها.
ثمّ لمّا كان الغرض الكلّي من هذه الملازمة المذكورة لزوم القيام لزيدٍ حُذف الملزوم الذي هو الشرط ، أعني «يكن من شيء» وأُقيم ملزوم القيام وهو زيد مقام ذلك الملزوم ، وبقي الفاء بين المبتدأ والخبر ؛ لأنّ فاء السببيّة ما بعدها لازم لما قبلها ، فحصل لهم من حذف الشرط وإقامة بعض الجزاء موقعه شيئان مقصودان ، أحدهما : تخفيف الكلام بحذف الشرط ، والثاني : قيام ما هو الملزوم حقيقة في قصد المتكلّم مقام الملزوم في كلامهم ، أعني الشرط ، وحصل أيضاً من قيام بعض الجزاء موضع الشرط ما هو المتعارف من شغل حيّز واجب الحذف بشيء آخر ، وحصل أيضاً بقاء الفاء متوسّطةً في الكلام كما هو حقّها (١). انتهى.
وإنّما حكيناه ملخّصاً مع طوله ؛ لعظم قدره ومحصوله.
و «بعد» من الظروف الزمانيّة ، وكثيراً ما يحذف منه المضاف إليه وينوى معناه. وتُبنى على الضمّ. ويجوز في ضبطها (٢) هنا أربعة أوجه : ضمّ الدال ، وفتحها ، ورفعها منوّنةً ، وكذا نصبها. ومجموع الكلمتين يُسمّى بفصل الخطاب.
وقد اختلف فيمن تكلّم (٣) بهذه الكلمة أوّلاً ، فقيل : داوُد عليهالسلام (٤) وقيل (٥) نبيّنا محمّدُ صلىاللهعليهوآله. وقيل : عليّ عليهالسلام (٦). وقيل : قُسّ بن ساعدة (٧). وقيل : كعب بن لُؤيّ (٨). وقيل : يَعْرب بن قحطان (٩). وقيل : سحبان بن وائل (١٠). ولا فائدة مهمّة في هذا الخلاف.
__________________
(١) شرح الكافية في النحو ٢ : ٣٩٦.
(٢) في «م» : «وفي تجويز ضبطها» بدل «ويجوز في ضبطها».
(٣) في «م» : «في المتكلّم» بدل «فيمن تكلّم».
(٤) الأوائل ـ للعسكري ـ : ٤٥ ؛ الأوائل ـ للطبراني ـ : ٦٨ / ٤٠ ؛ الأوائل ـ لابن أبي عاصم النبيل ـ : ٦٧ / ١٩١ ؛ الوسائل إلى مسامرة الأوائل : ٢١ / ١١٧ ؛ الجامع لأحكام القرآن ١٥ : ١٦٢.
(٥) لم نعثر على القائل فيما بين أيدينا من المصادر.
(٦) كما في كشف الالتباس ١ : ٧.
(٧) الأوائل ـ للعسكري ـ : ٤٥ ؛ الوسائل إلى مسامرة الأوائل : ٢١ / ١١٨ ؛ الأغاني ١٥ : ٢٤٦.
(٨) الوسائل إلى مسامرة الأوائل : ٢١ / ١١٩.
(٩) الوسائل إلى مسامرة الأوائل : ٢١ / ١١٩.
(١٠) خزانة الأدب ١٠ : ٣٦٩.