ويجب نفض محلّ الغبار حتى يعلو ظاهره ويضرب عليه ، إلا أن يتلاشى به ، فيقتصر على الضرب عليه. ولو فرض عدم الغبار فيها أصلاً ، لم يجز الضرب عليها ؛ لأنّ الاعتبار بالغبار لا بها. ومن هنا ضعف قول الشيخ بتقديم غبار عرف الدابّة والسرج على الثوب. (١) وابن إدريس بالعكس. (٢)
ويشترط كون الغبار من جنس ما يصحّ التيمّم به ، كغبار التراب ، لا غبار الدقيق وشبهه.
ولو فقد الغبار ، تيمّم بالوحل ، كما تقدّم ، فلو قدّمه على الغبار لم يصحّ ؛ لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في العهدة.
واعلم أنّ التيمّم لا يجوز قبل وقت المؤقّتة إجماعاً ؛ ولأنّه طهارة ضروريّة ولا ضرورة قبل دخول الوقت ؛ لعدم التكليف حينئذٍ ، ويجوز بل يجب فعله مع الضيق إجماعاً ، ولأنّه لولاه ، لزم الإخلال بالصلاة.
والمراد بالضيق أن لا يبقى من الوقت سوى مقدار فعل الصلاة وما لا بدّ منه فيها.
وهل يجوز فعله في حال السعة؟ أقوال ثلاثة ، أحدها وهو المشهور خصوصاً بين القدماء حتى ادّعى الشيخ والسيّد المرتضى عليه الإجماع : المنع منه مطلقاً. (٣)
ومستنده مع الإجماع المقبول ما نقل منه بخبر الواحد فضلاً عن نقل هذين الإمامين صحيحة محمد بن مسلم قال : سمعته يقول إذا لم تجد الماء وأردت التيمّم فأخّر التيمّم إلى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض (٤) والأمر للوجوب.
وحسنة زرارة عن أحدهما عليهماالسلام إذا لم يجد المسافر ماءً فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم ، وليصلّ في آخر الوقت ؛ (٥) والأمر للوجوب أيضاً.
__________________
(١) النهاية : ٤٩.
(٢) السرائر ١ : ١٣٨.
(٣) مسائل الناصريّات : ١٥٦ ١٥٧ ، المسألة ٥١ ؛ الانتصار : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، ولم نعثر في كتب الشيخ الطوسي على ادّعائه للإجماع في المقام ، وإنّما نسبه إليه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٢٥٥ ، المسألة ١٩١ ؛ وانظر بشأن ذلك إلى مقالة الشهيد في الذكرى ٢ : ٢٥٣ ؛ والعاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٥٥٠.
(٤) الكافي ٣ : ٦٣ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٨٨ ؛ الإستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧٣.
(٥) الكافي ٣ : ٦٣ / ٢ ؛ التهذيب ١ : ١٩٢ / ٥٥٥ ، و ٢٠٣ / ٥٨٩ ؛ الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٤٨ ، و ١٦٥ ـ ١٦٦ / ٥٧٤.