وفيه : إمكان بناء ذلك على حذف الموصوف وإبقاء الصفة ، كقوله تعالى (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) (١) و (أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) (٢) ويرجّح الأوّل مجازيّة الإضمار ، ويبتنى على عَلَميّته أنّه بدل لا نعت ، وأنّ «الرحيم» بعده نعت له لا للاسم دونه (٣) ؛ إذ لا يتقدّم البدل على النعت.
(الحمد) وهو لغةً : الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم ، فخرج بالجميل الثناءُ على غيره على قول بعضهم : إنّ الثناء حقيقة في الخير والشرّ ، وعلى رأي الجمهور : إنّه حقيقة في الخير فقط ، ففائدة ذِكْر ذلك تحقيق الماهيّة ، أو دفع توهّم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند مُجوّزه من الأُصوليّين.
وبالاختياري المدحُ ، فإنّه يعمّ الاختياري وغيره عند الأكثر. وعلى القول بالأُخوّة بمعنى الترادف يحذف القيد ليعمّ.
و «على جهة التعظيم» يخرج ما كان على جهة الاستهزاء أو السخرية ، (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٤) ويتناول الظاهر والباطن ، إذ لو تجرّد عن مطابقة الاعتقاد أو خالفته أفعال الجوارح ، لم يكن حمداً ، بل هو تهكّم أو تمليح ، وهذا لا يقتضي دخول الجوارح والجنان في التعريف ؛ لأنّهما اعتُبرا فيه شرطاً لا شطراً.
ونُقض في عكسه بالثناء على الله تعالى بصفاته الذاتيّة ؛ فإنّها ليست اختياريّةً.
وأُجيب بأنّه يتناولها تبعاً ، أو أنّها منزّلة منزلة أفعال اختياريّة حيث إنّ ذاته اقتضت وجودها على ما هي عليه ، أو أنّها مبدأ أفعال اختياريّة ، فالحمد عليها باعتبار تلك الأفعال ، فالمحمود عليه اختياريّ في المآل ؛ تنزيلاً للمسبّب منزلة السبب ، والكلّ تكلّف.
و «الحمدُ» عرفاً : فعل يُنبئ عن تعظيم المُنْعِمِ من حيث إنّه مُنعم على الحامد أو غيره ، سواء كان باللسان أم بالجنان أم بالأركان.
و «الشكر» لغةً : هو هذا الحمد. وعرفاً : صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى
__________________
(١) سبأ (٣٤) : ١١.
(٢) الحديد (٥٧) : ٢٥.
(٣) في «ق ، م» بدل «لا للاسم دونه» : «لا لاسم الله».
(٤) الدخان (٤٤) : ٤٩.