فهاتان الروايتان صريحتان في إرادة الكذب في القول ، ولا يحتمل فيهما إرادة الكذب في العقيدة ، حيث أتبع الامام (ع) قوله : « أما استبان لكم كذبه » بقوله : « أليس هو الذي يروي الخ »؟. فيكون قد روى ذلك كاذباً. وأي شهادة في الدنيا تسقط الراوي عن حد الاعتبار أعظم من شهادة الامام (ع) بأنه يروي كاذباً.
ويؤيده ما رواه الكشي بسنده عن اسماعيل بن سهل عن بعض أصحابنا وجاء في آخره : أن البطائني روى حديثاً بحضرة الرضا (ع) ، وحذف منه جملة ، فأنكر عليه الامام (ع) ذلك ، وبعد أن اعترف بها ، قال له الرضا (ع) : « ويلك كيف اجترأت على شيء تدع بعضه ... اتق اللّه ولا تكن من الصادين عن دين اللّه تعالى ».
وهو صريح في أن البطائني قد تعمد الكذب بانكاره لبعض الحديث.
وبعد هذا لا حاجة للبحث عما قيل في وجه اعتبار حديث البطائني أو توثيقه ، لأنه على تقدير أن يتم في نفسه لا يقوى على معارضة ما سبق
____________
حديث رواه الشيخ في غير ( التهذيبين ) ، مثل كتاب ( الغيبة ) اعتماداً على تلك الطرق.
إذن فتنحصر طرق الشيخ العامة لكل ما رواه بطرقه المذكورة في كتابه ( الفهرست ). وقد ذكر فيه ( ص٢٥ ) طريقين الى احمد بن محمد بن عيسى ، أحدهما فيه احمد بن محمد بن يحيى العطار ، والآخر فيه احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد. فبناء على ما هو الأظهر من اعتبار هذين الرجلين يكون الطريق معتبراً ، بل يكفي اعتبار أحدهما في صحة الطريق ولذا صحح في ( جامع الرواة ج ٢ ص ٤٧٩ ) طريق الشيخ الطوسي الى احمد بن محمد بن عيسى في ( المشيخة ، والفهرست ) معاً ، ونقله عنه في ( مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٧٢٣ ).