نعم سبق مناقشة دعوى الشيخ : أن أولئك الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة ـ بأنه قد اجتهد في ذلك. وعليه فاذا وثق الشيخ شخصاً ، واحتملنا استناده الى رواية أحد الثلاثة عنه ، يدخل في مسألة تردد التوثيق بين الحسي والحدسي ، وقد بنى العرف على كفاية احتمال الحس في الإخبار. كما سبق لكن الظاهر اختصاص كفايته بصورة احتمال اجتهاد المخبر ، وبناء إخباره عليه. أما في صورة العلم باجتهاده ، واحتمال استناده في إخباره اليه ، كما في محل البحث ، فلم يعلم كفاية احتمال الحس حتى يثبت عدم الفرق بين احتمال الاستناد في الإخبار الى الاجتهاد المحتمل ، وبين احتمال الاستناد فيه الى الاجتهاد المعلوم.
الثالث : أن توثيق الشيخ للبطائني معارض بما صرح به الشيخ في كتاب ( الغيبة ) من ذمه وتكذيبه فيتساقطان ، بل يعارضه جميع ما سبق من أدلة ضعفه ، فتقدم عليه ، ويسقط عن الاعتبار.
وأما الشهادة بعمل الطائفة بأخباره. فتناقش من وجوه أيضاً.
الأول : أن الشيخ لم ينقل عملها بخبره مطلقاً ، بل مشروطاً بأمرين أحدهما : عدم كون ما يرويه مخالفاً لما عليه عملها خارجاً ، الثاني : عدم وجود ما يخالفه من الروايات. ومقتضاه عدم صلاحيته لمعارضة غيره. فينحصر عملها في نطاق خاص ، فلا يصلح مدركاً لاعتبار أخباره مطلقاً.
الثاني : أن الشيخ نقل عن أصحابنا أنهم لا يقبلون الأخبار التي يختص بروايتها الفطحية ، والواقفة ، ونظائرهم ، من الفرق المخالفة في أعيان الأئمة (ع) ، ولا يلتفتون الى ما يروونه (١). ومقتضى هذا الاطلاق عدم الفرق بين البطائني وغيره. وهو ينافي ما نقله سابقاً من اعتبار الطائفة لخبره بذينك الشرطين إلا أن نقيده بذلك.
____________
١ ـ عدة الأصول ص ٥٧.