ومن هنا يمكن عروض الزحاف في تعبيره عن الستة الاواسط والاواخر ب « تصحيح ما يصح عنهم » ، وأن الصحيح ما عبر به عن الاوائل من التصديق والانقياد لهم بالفقه فقط.
الثالث : إن التسامح في دعوى الاجماع ، واستعمال لفظه في غير ما وضع له حدث كثيراً في كلام القدماء ، وذلك مما يوهن الاعتماد على دعواه في محل البحث. توضيح ذلك :
أن الاجماع في اللغة عبارة عن الاتفاق ، فيقال : أجمع القوم على الامر أي اتفقوا عليه (١).
وبذلك عرفه الفقهاء كما سبق ، وقال الشيخ الأنصاري : « ان الاجماع في مصطلح الخاصة ، بل العامة الذين هم الاصل له ، وهو الأصل لهم ، هو اتفاق جميع العلماء في عصر ، كما ينادي بذلك تعريفات كثير من الفريقين ... كما نراهم يعتذرون كثيراً عن وجود المخالف بانقراض عصره » (٢).
ومع ذلك نرى القدماء يدعون الاجماع أحياناً مع وجود المخالفين في المسألة ، بل ان الشخص منهم قد يتفق دعواه الاجماع على حكم ثمّ يدعيه على خلافه في موضع آخر. وبهذا أورد الشيخ يوسف البحراني على حجية الاجماع قائلا : « إن أساطين الاجماع ، كالشيخ والمرتضى وابن ادريس واضرابهم ، قد كفونا مؤونة القدح فيه ، وابطاله بمناقضاتهم بعضهم بعضاً في دعواه ، بل مناقضة الواحد منهم نفسه في ذلك ... ولقد كان عندي رسالة ، الظاهر أنها لشيخنا الشهيد الثاني قدسسره ، كتبها في
__________________
١ ـ أقرب الموارد ، مادة جمع.
٢ ـ فرائد الأصول ص ٤٨.