لكن المحقق الهمداني اقتصر على مورد الحكم وهو التقديم يوم الخميس فقال : « إن مقتضى الجمود على مورد النص إنما هو التقديم يوم الخميس لكن حكي عن صريح بعض وظاهر آخرين جوازه ليلة الجمعة ، بل عن ( المصابيح ) دعوى الاجماع عليه ، وربما يوجه ذلك بانسباقه من العلة المنصوصة في الروايتين ، فان المتبادر الى الذهن كون جواز التقديم يوم الخميس مسبباً عن إعواز الماء يوم الجمعة من دون أن يكون لكونه في اليوم مدخلية في الحكم ، وفيه نظر فان العلة ليست علة لجواز التقديم مطلقاً وإلا لدلت على جوازه ليلة الخميس أيضاً ، بل هي علة لجوازه في يوم الخميس الخ » (١).
وما ذكره وجهاً للجمود لا يصلح للمنع عن ظهور التعليل في العلية المطلقة ، إذ لا مانع من الالتزام بجواز تقديم الغسل ليلة الخميس أيضاً عند إحراز قلة الماء يوم الجمعة إلا أن يقوم دليل على منعه من إجماع أو غيره.
وحيث كان الظاهر من تعليل الحكم ثبوته عند ثبوت علته فان لازمت العلة الموضوع كالاسكار في الخمر كانت موسعة للحكم فقط حيث يثبت لكل مسكر وإن لم يكن خمراً ، وإن لم تلازمه كالحموضة في الرمان كانت موسعة للحكم من جهة ، حيث يثبت لكل حامض وإن لم يكن رماناً ، ومضيقة له من جهة أخرى ، حيث لا يثبت للرمان الحلو ... فتعليل الحكم صالح لصرف ظهور الأمر أو النهي في العموم الى الخصوص وبالعكس.
كما أنه صالح لصرفها عن ظهورها في الالزام الى الندب والكراهة إذا لم يتناسب التعليل مع الوجوب والتحريم. وادعي ذلك في مكاتبة الحميري حول التقدم على قبر المعصوم (ع) في الصلاة فقال : « ... وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا ، فأجاب (ع) ... أما الصلاة
____________
١ ـ مصباح الفقيه ـ الطهارة ص ٤٣٣.