والمراد بالأمر : ( اسْجُدُوا ) في قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ : اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ )(١) ؛ *
__________________
القرائن المحتملة وجودها ثمّة ، فأيّ فرق حينئذ بينه وبين التبادر الّذي يحصّله الفقيه وجدانا عن ملاحظة المتفاهمات وموارد الإطلاقات أوجب جواز تتميم ذلك بضميمة الاصول دونه.
ودعوى جريانها في القرائن اللفظيّة دون الحاليّة للقطع بوجود حالة حين الخطاب.
يدفعها : مع أنّه خرم لقانون التمسّك بأكثر التبادرات ، عدم كفاية مجرّد وجود القرينة في الانصراف عن قضيّة الوضع ، لوجوب الالتفات إليها بعد وجودها ، والمفروض أنّه في المقام ـ على تقدير تسليم وجودها ـ محلّ شكّ فينفى بالأصل.
والمناقشة في ذلك أيضا : بكون الشكّ في الحادث ، للقطع أو الظنّ بالتفات مّا زائدا على الالتفات إلى الوضع حين الخطاب ، وإنّما الشكّ في الملتفت إليه ، متّضح المنع ، بأنّ المعتبر منه إنّما هو الالتفات إليها في فهم المعنى ، والّذي نقطع بحدوثه في المقام إنّما هو الالتفات إلى اللفظ ووضعه ، وأمّا الالتفات إلى حالة منضمّة إليه لأجل الفهم فليس بمقطوع ولا مظنون ، فالأصل جار.
إلاّ أن يقال : بأنّ القطع بالالتفات إلى حالة مّا حاصل ، وإنّما الشكّ في كونها من باب الضميمة إلى اللفظ لتكون قرينة ، وعدمه لتكون أجنبيّة ، فلا يجري الأصل.
ففيه : أنّ الشكّ حينئذ يقع في تأثيرها في فهم المعنى ، لأنّها قبل حدوث حالة الخطاب كانت منعدمة فكان تأثيرها أيضا منعدما ، فإذا حصل الخطاب وحدثت الحالة حينه والالتفات إليها فانقطع الأصل بالنسبة إلى هذه المذكورات بالقطع.
وأمّا بالنسبة إلى تأثير الحالة المذكورة فباق بحاله ، مع أنّ طريقة العرف في تلك المقامات على عدم الاعتناء بتلك الاحتمالات.
ألا ترى أنّهم ينقلون التواريخ والقصص من الكتب والطوامير القديمة اعتمادا على ظواهرها ، فإنّ ذلك كاشف عن عدم اعتنائهم بوجود القرائن الحاليّة ولا الالتفات إليها.
* دفع لما قيل : من أنّ أقصى ما تقضي به الآية إنّما هو كون لفظ « الأمر » للوجوب وهو ليس من محلّ الكلام في شيء ، حيث إنّه لا ملازمة بينه وبين الصيغة فتكون باقية
__________________
(١) الأعراف : ١١.