نفس المكلّف به ، إلاّ على ما يوهمه عبارة الوافية على أحد احتماليها الّذي فهمه الجماعة على ما عرفت.
وأمّا وجوب تحصيل العلم فعمدة دليله العقل ، القاضي باستدعاء الشغل اليقيني الفراغ اليقيني إرشادا منه إلى تحصيل الاطمئنان عن الوقوع في المهلكة واستحقاق العقوبة.
ومن البيّن أنّه في مواضع الاشتباه فرع ثبوت التكليف بالواقع وهو ممّا اختلفت فيه الأنظار.
ومن الأعلام من أنكره ، والجمهور على خلافه وهو الحقّ لحجّية العلم الإجمالي من جهة حكم القوّة العاقلة وبناء العقلاء بناءا على أنّ معنى حجّيته وجوب الموافقة القطعيّة لا مجرّد حرمة المخالفة القطعيّة كما توهّم ، وذلك لأنّ مقتضاه على تقدير الحجّية ثبوت التكليف بالواقع ولازمه وجوب الامتثال بما هو مكلّف به في الواقع ، وهو وإن كان لا يتوقّف على الإتيان بجميع أطراف الشبهة ولكن العلم به متوقّف عليه توقّفا عاديّا ، كتوقّف العلم بغسل تمام الوجه على غسل جزء من الرأس ، فينضمّ إلى ما ذكر حينئذ قضاء العقل بوجوب القطع بالامتثال عند القطع بالاشتغال ، ويصير العلم بذلك واجبا ولو كان وجوبه غيريّا ، لأنّ العقل من أدلّة الشرع فيخرج الإتيان بأطراف المشتبه مخرج مقدّمة الواجب.
فمن قال من أصحاب القول بوجوب المقدّمة بعدم الوجوب هنا ـ إن كان ثابتا ـ فلابدّ وأن يبني كلامه على إنكار حجّية العلم الإجمالي كما عليه بعض الأعلام ، بدعوى انصراف الألفاظ في حيّز الخطابات إلى المعلومات بالتفصيل ، أو على دعوى أنّ معنى حجّيته حرمة القطع بالمخالفة لا وجوب القطع بالموافقة تحكيما لأدلّة أصل البراءة على أدلّة أصل الاشتغال ، حتّى فيما لو كانت الشبهة حاصلة في المكلّف به مع وجود القدر المتيقّن في البين ، ولكنّ المقدّمة هنا سببيّة كما تنبّه عليه بعض الأفاضل ووجوبها مع قطع النظر عن النصّ الوارد في بعض الموارد مردّد بين كونه نفسيّا أو مقدّميّا ومنشؤه اختلاف الأنظار هنا في كون الأمر بالمسبّب عين الأمر بالسبب وعدمه.
وقد عرفت أنّ بعض مشايخنا رجّح الأوّل وهو أحد احتمالي كلام التوني والباقون على خلافه.
ويرد على الأوّل : أنّه خلاف ما بنى عليه في الأمر بالمسبّبات من منع رجوعه إلى الأسباب ردّا على من توهّمه ، مضافا إلى أنّه ممّا ينكره الوجدان ، كيف وأنّه حكم من العقل وهو لا يتصوّر عند إنشائه ذلك الحكم إلاّ العلم الّذي هو نفس المسبّب كما يرشد إليه المقدّمة الّتي