ويشكل ذلك (١) : من جهة أنّه كما أنّ تخصيص الوجوب بما يكون من الشرائط من مقولة الأفعال غير معهود من هذا القائل فكذلك تعميمه بالنسبة إلى الأسباب على الإطلاق غير معهود منه ، وكون الأحكام الفرعيّة لا يتعلّق بما يكون من مقولة الأحوال مسلّم.
ولكنّ الأفعال عندهم أعمّ من المباشريّة والتوليديّة ، والأثر الحاصل من التوليديّات كما أنّ أسبابه من المباشريّات ، وكما أنّ ما يباشره المكلّف ينتسب إليه في العرف انتسابا حقيقيّا فكذلك ما يتولّد ممّا يباشره ، فلذا ترى أنّ القتل والإحراق ينسب إليه دون السيف والنار ، فمن هذه الجهة يصحّ أن يتعلّق به الحكم الفرعي تعلّقه بما يباشره.
وإن شئت فلاحظ العرف في الأمر الوارد بالقتل والإحراق ، بل الشرع في الأمر الوارد بالعتق والطهارة ، مع أنّ المراد بوجوب الطهارة على المكلّف وجوب تحصيلها ، وهو مفهوم مغاير لإيجاد سببها ولا يكون وجوبه عين وجوبه ، ولا ينافي ذلك اعتبار الاستمرار فيه ، لأنّ المراد به ما يعمّ الإيجاد ابتداءا وابقاء الموجود كما في الاستقبال ونحوه ، فلا وجه لالتزام صرف الوجوب إلى الأسباب.
ولو سلّم فهو ليس من القول بوجوب الشرط الشرعي مع السبب ، لأنّ الوضوء وغيره ممّا ذكر أسباب للشرط لا للمشروط ، لعدم اندراجها بالنسبة إليه في حدّ السبب كما لا يخفى ، بل هي بالقياس إليه أنسب بضابطة الشرط كما يرشد إليه حدّه المتقدّم.
ويشهد به الأمثلة الواردة في كلامهم للشرط الشرعي ، حيث يمثّل تارة بالطهارة واخرى بالوضوء ، ولا ينافي ذلك ما اعتبر في الشرط من الاستمرار والمقارنة للمشروط بجميع أجزائه ، حتّى يكون ذلك منشأ للإشكال بعد ما حصل الوصف في الأثر المترتّب عليها ، فالوضوء الّذي يترتّب عليه أثر الطهارة شرط شرعي للصلاة ، فباعتبار نفسه يتعلّق به الحكم الفرعي وباعتبار أثره يحصل فيه وصف المقارنة ، من [ دون ] أن يكون ذلك قولا بوجوب السبب ، نظرا إلى أنّ المراد به عند القائل بوجوبه خاصّة ما كان سببا لوجود ذات المشروط لا لوجود شرطه ، لأنّ الدليل الّذي أقامه على الإثبات لا يتناول إلاّ ذلك والّذي أقامه على النفي يعمّ الشروط وأسبابها ، كما لا يخفى [ على ] من يتأمّل فيها.
ولو سلّم فيلزم أن يكون بين القولين عموم من وجه ، لا ما أفاده ـ دام ظلّه ـ فيجتمعان في أسباب الشروط ويفترقان في أسباب المشروط ، والشروط الّتي هي من مقولة الأفعال.
__________________
(١) إيراد على ما أفاده الشيخ. ( كذا في هامش الأصل بخطّ مؤلّفه )