يترتّب على سائر المعاصي من العذاب والعقوبة وذلك واضح.
وعلى الثالثة : أنّها لا تدلّ على أنّ الكافر بوصفه العنواني كان مكلّفا بالصدقة والصلاة ، بل أقصى ما تدلّ عليه أنّ مرجع الضمائر من يتّصف بهذه الأمور ، فلم لا يجوز أن يكون ممّن سبقه الإيمان فأقدم على ترك الصدقة والصلاة ثمّ صدر منه التكذيب والتولّي ، فالذمّ حينئذ إنّما هو على مخالفة التكليف السابق على صدور الكفر منه لا على التكليف الثابت له في حال الكفر كما يقتضيه الترتيب المعتبر في الآية والاستدراك بـ « لكن » فلم يلزم منه المطلوب.
وممّا يستدلّ به أيضا : أنّ الكفّار يتناولهم النهي عن الفروع ، فوجب أن يتناولهم الأمر.
أمّا الأوّل : فللإجماع على أنّهم يحدّون على الزنا ويقطعون على السرقة ، فلو لا تناول النهي لهم لما كان لذلك وجه.
وأمّا الثاني : فلأنّ تناول النهي لهم إنّما هو ليتمكّنوا عن استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الاحتراز عن المنهيّ عنه وهذا المعنى بعينه حاصل في الأمر ، فإنّهم على تقدير تناول الأمر لهم يتمكّنون من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الإتيان بالمأمور به.
وفيه : ما لا يخفى من منع المقدّمة الاولى ، وثبوت الحدّ والقطع بالنسبة إليهم في السرقة والزنا لعلّه من جهة التسبيب ، كما في إتلافاتهم الموجبة للضمان وتصرّفاتهم الموجبة للتمليك والتملّك ولا يلزم من ذلك تعلّق النهي بهم بحيث يترتّب على مخالفته العقوبة الاخرويّة (١).
مضافا إلى بطلان القياس ومنع المساواة بين المقيس والمقيس عليه ، ولعلّ بين النهي والأمر فرقا أوجب ذلك الفرق في الحكم ، كما زعمه أصحاب القول بالتفصيل وثبوت المساواة بينهما فيما ذكر لا يقضي بالمساواة في سائر الجهات.
واحتجّ النافون لتكليف الكفّار بوجوه :
أوّلها : لو كلّف الكافر لصحّ منه والتالي باطل ، فكذا المقدّم.
وفيه أوّلا : النقض بالمحدث إذ لو كلّف بالصلاة لصحّت منه ، والتالي باطل فكذا المقدّم.
وثانيا : أنّ الصحّة كما أنّها قد تنتفي بانتفاء الأمر ، فكذلك قد تنتفي بانتفاء ما هو من شرائط المأمور به.
__________________
(١) إلاّ أن يتشبّث بعدم القول بالفصل بين القضايا الوضعيّة والتكليفيّة ولكنّه غير ثابت كيف ولم يظهر من أصحاب القول ينفي تكليف الكفّار إنكار تعلّق الوضعيّات بهم. ( منه عفي عنه ).