ثمّ إنّه قد عرفت أنّ من جملة أقوال المسألة قول بالوضع (١) للفور شرعا وإن كان لمطلق طلب الطبيعة لغة ، حكاه بعض الأعاظم مع حكايته الاحتجاج له بإجماع السيّدين في الذريعة والغنية ، فأجاب عنه : بأنّه مردود لا لأنّ المسألة ما يطلب فيها العلم بل لوهنه بمخالفة المعظم ، مع أنّ الوجدان يحكم بأنّها ليست محلّ الإجماع ، ثمّ استعجب عن الفاضل التوني في استظهاره بعد نقل الإجماع عن الذريعة كون أخباره هنا مفيدا للقطع.
ثمّ قال : « ونزيد على بطلانه أنّ المطلوب ما يعمّ به البلوى جدّا مع عدم مانع من اشتهاره ، فلو كان كما ذكراه لشاع وذاع » انتهى.
وظاهر ما ذكر كون ذلك خيرة الفاضل التوني ، مع أنّ ما صرّح به بعض الأجلّة خلاف ذلك كما عرفت في نقل الأقوال ، حيث اسند إليه القول بقيام الدلالة الخارجيّة على إرادة الفور شرعا.
وكيف كان فحكى له الاحتجاج بأنّه : لو جاز التأخير لوجب أن يكون إلى وقت معيّن واللازم منتف ، أمّا الملازمة : فللزوم التكليف بما لا يطاق لولاه ، فإنّه يجب حينئذ أن لا يؤخّر الفعل عن وقته مع أنّه غير معلوم.
وأمّا انتفاء اللازم فلعدم إشعار في الأمر بتعيين الوقت.
وبإجماعي الذريعة والغنية.
والأمر بالمسارعة والاستباق.
وإنّ التأخير بما ينافي الفوريّة يعدّ في العرف تهاونا ومعصية فيكون حراما ، فيكون واجبا إذا كان الأمر ممّن يثبت وجوب امتثاله.
والجواب عن الأوّل والثالث : قد تقدّم في ردّ أدلّة القول بالفور.
وأمّا عن الثاني : فأجاب عنه بما مرّ في ردّ الاستدلال به على الوضع الشرعي ، وبأنّه ينافي ما ادّعاه المستدلّ لأنّه مبنيّ على ثبوت الحقيقة الشرعيّة في الأمر للفور ، وما بنى عليه هنا هو المبادرة في الأوامر ومغايرتهما في نهاية الوضوح ، وإنكار ظهور كلام المرتضى فيما ذكر من دعوى الحقيقة الشرعيّة ظاهر الفساد.
وعن الرابع : أجاب بأنّه مخالف للعرف لو أراد ثبوت التهاون بترك الفور كما أنّ غيره لا يجدي ، مع أنّ ذلك لو ثبت لدلّ على كونه موضوعا له وهو ظاهر ، مع أنّه لا يقول به.
ثمّ ذكر أنّ فروعه لا تحصى ، منها : جواز الاستيجار بعد الاستيجار المطلق بالصلاة
__________________
(١) والظاهر أنّه مذهب الفاضل التوني. ( منه عفي عنه ).