صاحب تفسير مجمع البيان.
وثانيها : النفي مطلقا ، وهو الحقّ المعروف من المذهب الموافق للأصل.
وثالثها : التفصيل ، فالإثبات في الثاني والنفي في الأوّل وهو أيضا للعامّة وقد ينسب إلى بعض علمائنا ، ويدّعى أنّ النزاع إنّما هو في الإيجاب الكلّي والسلب الجزئي ، فالمثبت مدّع للموجبة الكلّيّة والنافي يدّعي سلب هذا الكلّي لا كلّي السلب ، إذ الإيجاب الجزئي في كلّ منهما ممّا لا خلاف فيه ، لاتّفاقهم على أنّ التوبة مكفّرة للذنوب وكذلك غيرها من الطاعات في الجملة ، كما يشهد به قوله تعالى : ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ )(١) المفسّرة بالصلاة الخمس في النصّ.
وعلى أنّ الشرك موجب لحبط الأعمال كلّها ، مع ما يقال : من أنّ الندم عن الحسنة أيضا محبط لها وليس ببعيد.
ثمّ ينقل الاستدلال على التكفير بالآية المذكورة ، بتقريب : ظهور الجمع المحلّى باللام في العموم ، وعلى الإحباط بما ورد في قضيّة امّ إسماعيل زوجة الصادق عليهالسلام وكان عليهالسلام يمشي إلى الكعبة وكان في خدمته امّ إسماعيل وجاريته ، فنزل عليهالسلام في منزل من المنازل وقارب مع جاريته فاطّلعت امّ إسماعيل فقطعت شعر رأس الجارية ، فسكت عليهالسلام حتّى رجع إلى هذا المنزل ، فقال لامّ إسماعيل : هذا المنزل الّذي قد أحبط ا فيه عملك (٢).
فيقال : إنّ ذلك خلاف التحقيق ويستدلّ بعد الأصل وبناء الطائفة بقوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )(٣) بتقريب : أنّ لها باعتبار المعنى احتمالات أربع :
الأوّل : من يعمل مثقال ذرّة خيرا يرى أجره في الآخرة وهو الثواب ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يرى أجره فيها وهو العقاب ، فيكون مفادها مفاد قوله صلىاللهعليهوآله : إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ (٤).
والثاني : من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره في الدنيا لو كان كافرا حتّى يتمّ عليه الحجّة ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره في الدنيا لو كان مؤمنا حتّى لا يعاقب في الآخرة.
والثالث : من يعمل مثقال ذرّة خيرا أو شرّا يرى عمله مكتوبا في صحيفة أعماله ، فيسرّ إذا نظر إليها إن كان العمل خيرا ويغمّ إن كان شرّا.
__________________
(١) هود : ١١٤.
(٢) الوسائل ١ : ٥٠٧ ، الباب ٢٨ من أبواب الجنابة ـ ح ٤.
(٣) الزلزلة : ٧ و ٨.
(٤) الوسائل ١ : ٤١ ، الباب ٧ من أبواب مقدّمة العبادات ، ح ١.