جو الغرفة وتقطيرها لكي يسكن السعال وألم الصدر ، والأدوية التي تستعمل في مثل هذه الحالات هي أعشاب صدرية عطرية لا خطر منها البتة. والكتب الطبية العربية مليئة بأمثال هذه الوصفات.
أما القول بأن شمها يسبب النوم ، فلدى مراجعة الأدوية المخدرة عند العرب لا نجد من بينها مخدّرا ينوّم المريض بمجرد استنشاقه. فلقد كانت المواد المستعملة أمثال : الشويكران والخشخاش ، والبنج ، وست الحسن ، كلها تستعمل إما موضعيا وإما عن طريق الفم. (١٨)
وأول غاز مخدر اكتشف هو الأثير ETHER من قبل وليام مورتون عام ١٨٤٦ ثم أعقبه سمسبون عام ١٨٤٧ باستعمال الكلوروفورم.
وعلى فرض أن المادة التي احتوتها القنينة هي مادة الأثير ، فهل يعقل أن توضع على النار ، والأثير مادة طيارة متفجرة؟ ..
لا بد أن اسحق بن سليمان الاسرائيلي فوجيء عند ما علم أن الأمير استدعى تلميذه بدلا عنه ، أي أنه فضّله عليه ، مما أثار حفيظة الاسرائيلي الذي عدّ هذا العمل اهانة له ، وربما كان ولا بد ، قد لاحظ نبوغ وذكاء ابن الجزّار ، لذا فقد تحركت الغيرة والحسد في قلبه ، فكان أول رد فعل له هو محاولة ايذاء ابن الجزّار أو على الأقل التقليل من أهميته فقال ما قال. وعند ما رأى أن الأمر انقلب الى جد وأنه سيؤدي بحياة تلميذه تراجع عن اتهامه.
واعتقد أنه ربما كانت القصة كلها مختلقة. فلم يدع ابن الجزار ، ولم يتكلم الاسرائيلي. انما اختلفت هذه الحكاية فيما بعد من قبل زملاء ابن الجزّار الذين ازعجتهم شهرته ، وعلو شأنه وعدد المرضى الكبير الذين كانوا يقصدونه حتى أصبح غنيا موسرا شهيرا.
فاذا أضفنا الى ذلك شأن ابن الجزار كان كشأن كل العلماء الحقيقيين يحبون العزلة والوحدة للانكباب على القراءة والتأليف واقتصار أمرهم على العناية بمرضاهم وتلامذتهم وتأليفهم. كما أنه كان أبيّ النفس فلم يكن من هؤلاء الاطباء الذين يقفون على الأبواب ، ويتمسحون بالأعتاب ، ويمشون في الركاب.