الدافعة ، وقوة أخرى وهي أشرف هذه القوى وآخرها وهي القوة المغيّرة. وهي التي تدعى الهاضمة التي لسببها احتاجت المعدة الى تلك القوى الأخر. فالمعدة تعالج الطعام بهذه القوى والآلات التي أحاطت بها علاجا لا يصلح الا بها. لأنها تنقّيه من الأوساخ المختلطة بالغذاء فما كان منه هوائيا خفيفا دفعته ، وهي الرغوة والزبد ، كما يرتفع ويظهر الزبد فوق اللطيف من الشراب ، فيغلي وينضج بالحرارة الغريزية التي في الكبد ، كما يغلي العصير بحرارته ، ويستحيل حتى يصير دما جيدا ثم ترفعه الى العروق ، فتؤديه العروق الى المواضع الذي ينضج فيها ، والثقل يرسب في أسفل المعدة ، كما يرسب الدردي في أسفل الخوابي ، ثم تدفعه المعدة بالقوة الدافعة الى أسفل حتى يخرج بقدرة الله.
وان قلنا في ماهية المعدة وكيفيتها قولا موجزا بليغا ، فقد يجب علينا القول بعد ذلك في طبائع هذه القوى الأربع التي لا تعمل المعدة الا بها ، وفي عللها ، وبعضها من الاسطقات الأربع التي تهيج الأمراض فيها. ومعرفة الزيادة منها والنقصان لترد كل قوة الى اعتدال مزاجها ، بالأغذية والأدوية ، ان شاء الله.
القول في طبائع القوى الأربع
وأما القوة الجاذبة فانها تفعل بالحر واليبس لأن المنسوفات لا تنشف الا بالحر واليبس ، وأما الممسكة فانما يفعل بفعل البرد واليبس لأن المعلوم عندهم أن الامساك والحصر لا يكون إلا بالبرد واليبس وأما المغيّرة وهي الهاضمة التي تحيل الطعام وتقلبه ، فانما تفعل بالحرارة والرطوبة لأن المنضج انما يكون باحالة الشيء الى ما هو ألطف منه وأرطب ومتى ما لم تقم الاستحالة على قدر الحاجة اليها فسد الاستمراء.
وأما الدافعة فقد اختلف الأطباء القدماء فيها فقال قائل : هي باردة رطبة لاحتمال القياس والنظر لهذه المقالة ، ولميل عامة حذاق المتكلمين في صناعة الطب اليها مثل : بخيتشوع ويحيى بن ماسويه فأما الدليل ..