فقد أكد ابن أبي اصيبعة أنه مات عن سن
تناهز الثمانين سنة.
ويروي المقريزي وابن الأثيرالحكاية التالية : « ان المنصور العبيدي
اعتل علة شديدة ووصل الى المنصورية فأراد عبور الحمام ففنيت الحرارة الغريزية منه
ولازمه السهر ، فأخذ طبيبه يعالج المرض دون سهر فاشتد ذلك على المنصور ، وقال لبعض
خواصه : أما في القيروان طبيب غير اسحاق؟. فأحضر اليه شاب من الأطباء يقال له أبو
جعفر أحمد بن ابراهيم ابن أبي خالد الجزّار *. فأمر باحضاره وشكا اليه مما يجده من
السهر ، فجمع له أشياء مخدرّة وجعلت فى قنينة على النار وكلفه شمها فنام ، وخرج وهو
مسرور بما فعله. فجاء اسحاق ليدخل على المنصور فقيل له : انه نائم ، فقال : ان كان
صنع له شيء ينام منه فقد مات. فدخلوا عليه فاذا هو ميت ، فدفن في قصره. وأرادوا
قتل ابن الجزار الذي صنع له المنام فقام معه اسحاق وقال : لا ذنب له وانما داواه
بما ذكره الأطباء ، غير أنه جهل أصل المرض وما عرفتموه ، وذلك أنني في معالجته
أقصد تقوية الحرارة الغريزية وبها يكون النوم ، فلما عولج بما يطفئها علمت أنه مات
».
هذه الحادثة تؤكد على أن ابن الجزار كان
قد أصبح طبيبا شابا في مقتبل العمر عام وفاة المنصور أي سنة ٣٤١ ه / ٩٥٢ م ، أي فلنقل أنه كان
في العشرين من العمر ، معنى هذا أنه ولد حوالي عام ٣٢٠ ه ، وبما أنه عاش ثمانين عاما
فيكون عام وفاته هو ٤٠٠
ه ، كما ذكر حاجي خليفة.
ويؤكد لوكلير في كتابه « تاريخ الطب العربي » هذا
التاريخ إذ يقول : « يحدد السيد دوسلان عام وفاة ابن الجزّار ، عن الذهبي ، سنة ٣٥٠ هجرية الموافقة لسنة
٩٦١
ميلادية وقد نسي ابن خلكان دون شك أن يذكرها.
أما بالنسبة لنا فاننا نرفض هذا التاريخ
وهاكم السبب : رأينا في سيرة اسحق بن سليمان انه كان يعيش عام ٣٤١ هجرية / ٩٥٢ ميلادية وهو عام وفاة
مريضه الأمير الفاطمي المنصور ، وانه عاش ، على ما يقال ، أكثر من مئة سنة. ومهما يكن
أمر عمره ، فباستطاعتنا بسهولة أن نقبل أن اسحق بن
_______________