فإن قلت : ظاهر أخبار القرعة كفايتها حيثما تجري في القضاء.
قلت : انها معارضة بما ذكر من الدليل على حصر الميزان في البينة واليمين مع إمكان القضاء بأحدهما ، وهو أخص مطلقا من أخبارها. ولو سلم أن النسبة بينهما عموم من وجه ، فالترجيح لما دل على توقف القضاء باليمين لأنه المشهور ، ولأن أدلة القرعة يشترط في العمل بها انجبار ضعفها بالعمل ، وهو هنا مفقود.
ولو سلم التكافؤ فالمرجع هو الأصل الذي يقتضي الأخذ بالقدر المتيقن.
وهو القضاء بالحلف ، لان نفوذ الأصل خلاف مقتضى الأصل الاولي كما تقدم في أول القضاء.
فان قلت : قد وردت في الباب أدلة أخرى غير تلك الأخبار العامة على القضاء بالقرعة وهي كثيرة ، ومنها أيضا ما تقدم « احكام المسلمين على ثلاثة :
بينة عادلة ، ويمين قاطعة ، وسنة جارية » ، وهي أخص مطلقا من الأدلة الحاصرة للميزان في البينة واليمين كما لا يخفى.
قلنا : ان هذه الاخبار مقيدة بأخبار أخر دالة على اعتبار اليمين مع القرعة وقد أشرنا إلى بعضها في أول المسألة.
( وأما الثاني ) ـ أعني إحلاف من بينته أرجح ـ فلان القدر الثابت من الترجيح بالأكثرية كونها مرجحة لجانب من كانت بينته أكثر في القضاء له ، وهو لا ينافي توقف القضاء على الحلف.
والحاصل ان المقتضي للحلف موجود وهو تعارض البينتين ، والمانع ـ وهو سقوط البينة المرجوحة عن قابلية المعارضة ـ غير معلوم ، لاحتمال كون الرجحان بالنسبة إلى مجرد تغليب جانب صاحب البينة الراجحة وتقويته وجعل القول قوله كالمنكر لا بالنسبة إلى ذات البينة حتى يكون المرجوح ساقطا عن الاعتبار وقاصرا عن المعارضة.