بالقرعة فيما أقام كل من المتداعيين بينة سواء في العدد. وهذا لا يدل على كون الاستواء في العدد سببا للإقراع ، وانما يدل على مدخليته فيه فيكون حاله كحال ثمَّ ان مدلول رواية البصري (١) بعد ملاحظة مفهوم الاستواء في العدد والعدالة يدل على الحكم بالأرجح عند عدم التعارض ، وأما معه ـ كما إذا كانت الأكثرية التي هي عبارة عن انتفاء المساواة في العدد في جانب والأعدلية في آخر ـ فالمستفاد منها عدم الإقراع ، فيدور الأمر بين القضاء بالتنصيف أو ترجيح الأكثر أو الأعدل ، وحيث لم يثبت شيء منهما تعين التنصيف. وليس الحال هنا كالحال في صورة رجحان احدى البينتين بالأكثرية والأعدلية في بطلان التنصيف بالإجماع لعدم الإجماع هنا على ذلك.
( وأما المقام الثالث ) فقد يستدل عليه بمفهوم قول أمير المؤمنين عليهالسلام في المرسل المذكور « إذا اعتدلت بينة كل منهما » ، لان الاعتدال أمر عرفي ينتفي عرفا بكل مزية مثل الأضبطية ونحوها ، فينتفي الإقراع ويتم المدعي على التقريب المتقدم في الروايات السابقة. وهو استدلال ضعيف كما لا يخفى ، فالتعدي مشكل مع عدم ظهور قول الأصحاب به.
فقد تلخص مما ذكرنا أن الحكم مع عدم الترجيح للقرعة ومعه الأخذ بالمرجح المنصوص لا مطلقا. وهل يحتاج الى اليمين في الموضعين أم لا؟
الأقوى اعتبار اليمين فيهما ، لان القضاء لا يكون إلا بأحد من البينة واليمين مع الإمكان ، فمن خرجت باسمه الحلف وقضى له وكذا من كان بينته أرجح :
( أما الأول ) فواضح بعد ملاحظة مثل قوله « إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان » وإمكان القضاء بالحلف هنا.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ١٢ من أبواب كيفية الحكم ح ٥.