لهم الحسين عليهالسلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب. إن أبي حدثني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت.
٤ ـ وقال محمد بن علي عليهماالسلام ، : قيل لعلي بن الحسين عليهماالسلام : ما لموت؟ قال : للمؤمن كنزع ثياب وسخه قملة (١) ، وفك قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطئ المراكب ، وآنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها ، وأوحش المنازل وأعظم العذاب.
٥ ـ وقيل لمحمد بن علي عليهماالسلام : ما لموت؟ قال : هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة ، فمن رأى في نومه من أصناف الفرح مالا يقادر قدره ومن أصناف الأهوال مالا يقادر قدره؟ فكيف حال فرح في النوم ووجل فيه؟ هذا هو الموت فاستعدوا له.
٦ ـ حدثنا محمد بن القاسم المفسر ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه عليهمالسلام قال : دخل موسى بن جعفر عليهماالسلام ، على رجل قد غرق في سكرات الموت وهو لا يجيب داعيا فقالوا له : يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت وكيف حال صاحبنا. فقال : الموت هو المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم ويصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم ، وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم وأما صاحبكم هذا فقد نحل من الذنوب نخلا ، وصفي من الآثام تصفية ، وخلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد.
٧ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن علي عليهماالسلام ، قال : مرض رجل من أصحاب الرضا
__________________
(١) ثوب وسخ : علاه الدرن لقلة تعهده بالماء. و « قمل » أي كثر فيه القمل وهو دويبة معروفة.