أبي جعفر عليهالسلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول الله عزوجل : « ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى (١) » ما ذلك الغضب؟ فقال : أبو جعفر عليهالسلام هو العقاب يا عمرو إنه من زعم أن الله عزوجل قد زال من شئ إلى شئ فقد وصفه صفة مخلوق (٢) فإن الله عزوجل لا يتنفره شئ ولا يعزه شئ (٣).
٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه رفعه (٤) إلى أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « فلما آسفونا انتقمنا منهم (٥) » قال : إن الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مدبرون فجعل رضاهم لنفسه رضى وسخطهم لنفسه سخطا (٦) وذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه ، و لذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى الله عزوجل كما يصل إلى خلقه ، ولكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال أيضا : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها. وقال أيضا : « من يطع الرسول فقد أطاع الله (٧) » وقال : أيضا « إن الذين يبايعونك
__________________
(١) طه : ٨١. وقوله : « فقد هوى » أي هلك.
(٢) الرضا والغضب كيفيان نفسيان يعرضان للنفس بسبب ادراك الملائم وغير الملائم وعروضهما إنما يكون لشئ يتعلق بالمادة المتغيرة المتحولة من حال إلى حال. فمن زعم أنه تعالى يعرض له الغضب لما يرى من ذنوب العباد فيحل غضبه على المذنب فقد وصفه بصفة عارضة زائلة تختص بنفوس متعلقة بأبدان مادية متحولة. ( م )
(٣) في بعض النسخ [ لا يستفزه شئ ولا يغيره ] أي لا يستخفه ولا يزعجه. وقيل : أي لا يجد خاليا عما يكون قابلا له فيغيره للحصول له تغير الصفة لموصوفها.
(٤) في بعض النسخ [ يرفعه ].
(٥) الزخرف : ٥٥.
(٦) قد عرفت أن الرضا والغضب وما ضاها هما تعرض الانسان إذ هو ذو نفس متعلقة بالبدن المادي وفى نسبتها إليه تعالى سر أفشاه تعالى بقوله : « وما يشاؤون الا ان يشاء الله » « وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى » وذلك أن بعض أفراد الانسان كالنبي والولي يصل من العبودية إلى مقام يندك إرادته في إرادة الله تعالى فلا يريد الا ما يريده سبحانه وحيث إن تقوم الفعل الاختياري بالإرادة فالأفعال التي تصدر عنه. وان كانت قائمة به ومسندة إليه بوجه لكنها يصح اسنادها إلى الله سبحانه لكون ارادته هي الأصيلة المتبوعة. ( م )
(٧) النساء : ٨٠.