قيد الحياة حتّى عام ٣٧٢ ه. وهو أوّل من سمّى ب « الملك » رسميّا في الخطبة بعد اسم الخليفة. وأوّل من أعلن رسميّا مرقد عليّ عليهالسلام في النجف وبنى عليه القبّة والمقام ، وقد أوصى بأن يدفنوه إلى جواره عليهالسلام. (١)
كان هذا الملك يكنّ احتراما كبيرا للشيخ المفيد ، ويوليه عناية خاصة ، حتّى إنّه كان يزوره أحيانا في بيته. وعلى العموم فقد نضجت المحافل الشيعية ومجامعهم كمّا وكيفا في عصر الدّيالمة ، وأصبحت حلقاتهم العلميّة ودروسهم ، ومناظراتهم مع أرباب المذاهب الأخرى تزدهر بشكل علنى ، وكانت لعلمائهم علاقات قويّة مع السلاطين والوزراء. ومن جملتهم الشيخ الصّدوق محمّد بن علي بن الحسين المتوفى عام ٣٨١ ه وأخوه الحسين بن علي بن بابويه فكان لهما اتّصال دائم بالوزير العالم الأديب « الصاحب بن عبّاد » (٢) وقد اتفق للشّيخ الصدوق مناظرات بالرّي في حضرة الملك ركن الدّولة وابنه الملك عضد الدّولة. (٣)
ومع نمو تجمعات الشيعة حين ذاك في بغداد ، أخذت أماكنهم على الأيام تنفصل هذه عن أماكن أهل السنة ، فأصبحت محلة « الكرخ » مركزا شيعيا وبذلك بدأت التحركات والحروب بين الطائفتين ، حتى إن الخليفة التجأ إلى أن يعيّن للشيعة نقيبا ، لعله كان في نفس الوقت نقيبا للعلويين أيضا ، فكانت النقابة انتهت حين ذاك إلى الشريف أبي أحمد ، ثم انتقلت إلى ولديه الشريف الرضي ، ثم الشريف المرتضى ثم الى أبي أحمد عدنان ابن الشريف الرضي وهكذا فيمن بعده. وكانت هذه الأسرة من أكبر العائلات الشّيعية ظهورا وشهرة في بغداد وكانوا في نفس الوقت مراجع دينية للشيعة جميعا ، علاوة على منصب النقابة ، كما أن منصب إمارة الحجّ والنّظر في المظالم في بعض ضواحي العراق كانت مفوضة
__________________
(١) وفيات الأعيان ج ٣ ص ٢١ فما بعدها.
(٢) ألف الشيخ الصدوق كتابه « عيون أخبار الرضا عليهالسلام » للصاحب ، واتى في أوّله بجملة من فضائله ومحاسنه ، كما سجّل قصيدته السنية في تبجيل الإمام الرضا عليهالسلام ومرقده ، التي مطلعها هكذا :
يا زائرا سائرا إلى طوس |
|
مشهد طهر وأرض تقديس |
و أما أخوه الحسين بن بابويه فكان عالما كثير الرواية وله أيضا كتاب ألفه للصاحب ، لاحظ رجال النّجاشي ص ٥٤.
(٣) روضات الجنّات ص ٥٦٠ فما بعدها. وكان موضوع البحث موقف الصحابة بعد النّبي صلىاللهعليهوآله ، وموقف الشيعة ورأيهم فيهم.