ولم ينقل البخاري ما قاله الإمام جعفر الصادق من أنّ الصحيفة تسمّى الجامعة ؛ لأنّها جمعتْ كلّ حلال وكلّ حرام ، وفيها كلّ ما يحتاجه الناس حتى أرش الخدش ، بإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخطّ علي بن أبي طالب ، فاختصرها بقوله مرّة : بأنّ فيها « العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر » ، ومرّة أُخرى بقوله : فنشرها عليّ فإذا فيها أسنان الإبل ، وإذا فيها المدينة حرم ... وإذا فيها ذمّة المسلمين واحدة ... وإذا فيها من والى قوماً بغير إذن مواليه ... ».
إنّه التزوير والتعتيم على الحقائق ، وإلاّ هل يعقل أنْ يكتب علي هذه الكلمات الأربعة في صحيفة ، ويعلّقها على سيفه ، وتلازمه عندما يخطب من فوق المنبر ، ويجعل منها المرجع الثاني بعد كتاب الله ، فيقول للناس : « ما كتبنا عن النبيّ إلاّ القرآن ، وما في هذه الصحيفة »؟!
وهل كان عقل أبي هريرة أكبر من عقل علي بن أبي طالب إذ كان يحفظ عن رسول الله مائة ألف حديث من غير كتابة (١)؟
__________________
١ ـ أبو هريرة من الشخصيات الروائية البارزة عند أهل السنّة ، وله من الشهرة التي جعلته كنار على منار لكثرة الروايات التي نسبها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع ملاحظة قصر مدّة صحبته للنبيّ عليه الصلاة والسلام ، ممّا أثار الجدل والأخذ والردّ حول هذه الشخصية ، فكثر عليه الاعتراض من قبل علماء السنّة أنفسهم قبل غيرهم ، والاعتراضات التي وجهت إليه ترجع إلى ثلاث نقاط :
١ ـ الكم الهائل من الروايات التي نقلها ونسبها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتي تقدّر ٨٧٤٠ رواية في الكتب التسعة ، مع قصر مدّة صحبته للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتي تقدر بسنتين وبضعة شهور.