أن أحكم بالظاهر والله يتولّى السرائر » (١) ولم يقل في حياته لواحد منهم :
__________________
ثمّ إنّ هناك صحابة في قلوبهم مرض وفي نفوسهم ريب كما صرّح القرآن بذلك ؛ وصدع به في أكثر من مكان ومورد ، فقال مخاطباً زواجات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في سورة الأحزاب ٣٢ : ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفاً ) ، وقال تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ ) الأنفال ٤٩ ، وقال تعالى : ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ) الأحزاب ١٢ ، وقال تعالى : ( لَئِنْ لَمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ) الأحزاب ٦٠ ، إلى غير ذلك من الآيات المصرّحة بوجود أناس من الصحابة ليسوا بالقليلين مرضى القلوب والنفوس ، وأنّ الإيمان لم يخالط قلوبهم ونفوسهم ، وأنّ هؤلاء كانوا يتربّصون بالمؤمنين الدوائر وكانوا يتّهمون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويطعنون فيه ، وأن اللّه سبحانه وتعالى حذّرهم ووعدهم في كثير من آياته ، وحذّر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم ومن تصرّفاتهم ، فبعد ذلك لا يستطيع مكابر أن ينكر ذلك ويقول بأنّ الصحابة كلّهم عدول وكلهم مؤمنين وأنّ المنافقين ليسوا منهم.
فنقول : سلّمنا بخروج المنافقين من الصحابة ، لكن مرضى القلوب من الصحابة وداخلين فيهم ، وهؤلاء نرى ذمّهم وتوبيخهم ووعيد اللّه عليهم في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، فبعد ذلك لا يمكن القول بعدالة هؤلاء أيضاً ، وللتوسّع أكثر يرجع إلى كتاب الصحبة والصحابة بين الإطلاق اللغوي والتقييد الشرعي للكاتب السلفي حسن فرحان المالكي ، فقد بحث المسألة بشكل مفصّل.
١ ـ فتح المعين ، الميباري الهندي ٤ : ٢٧٢ ، كشف الخفاء للعجلوني ١ : ١٩٢ وقال : « قال في اللآلئ : هو غير ثابت بهذا اللفظ ، ولعلّه مروي بالمعنى من أحاديث صحيحة ذكرتها في الأقضية من الذهب الابريز. وقال في المقاصد : اشتهر بين الأُصوليين والفقهاء ، بل وقع في شرح مسلم للنووي في قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : إنّي لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشقّ بطونهم ما نصّه : معناه أنّي أُمرت بالحكم بالظاهر واللّه يتولّى السرائر كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ».