وها هو الغزالي نفسه يخرج في كتابه بأنّ عمر بن الخطّاب كان يسأل حذيفة بن اليمان إن كان رسول الله سمّاه في جملة المنافقين الذين أعلمه بأسمائهم (١).
ولا عبرة لقول من يقول بأنّ المنافقين ليسوا من الصحابة ، إذا عرفنا أنّ المصطلح الذي اتفقوا عليه هو ما سمعناه آنفاً أنّ كلّ من رأى رسول الله مؤمناً به فهو صحابي حتى لو لم يجالسه.
وقولهم : مؤمناً به ، فيه أيضاً تكلّف ؛ لأنّ كلّ الذين صاحبوا النبيّ نطقوا بالشهادتين (٢) ، وقبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم ذلك الإسلام الظاهري وقال : « أمرتُ
__________________
١ ـ إحياء علوم الدّين للغزالي ١ : ١١٤ ، ( كتاب العلم ، الباب السادس في آفات العلم ).
٢ ـ التعريف الذي ذكره للصحابي وهو من رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤمناً به وإن كان لا يشمل المنافقين ويخرجهم من الصحبة ، لكنّه تعريف بلا دليل ومستند يستند عليه ، وذلك لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أطلق لفظ الصحبة على المنافقين ، فأطلق على عبد اللّه بن أُبي بأنّه صاحبي وعلى ذو الخويصرة كذلك أنّه من أصحابي ، فعليه استعمال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للفظ الصحبة عامّ يشمل المنافقين منهم وغير المنافقين ، فتعريف الصحبة بتعريف لا يشمل المنافقين مخالف للسنّة النبويّة والأحاديث الشريفة المستعملة للفظ الصحبة في الأعمّ من ذلك.
إن قلت : إنّ هذا التعريف اصطلاح خاصّ يستعمله المحدّثون فيما بينهم ويصطلحون عليه.
قلت : الاصطلاح على شيء لا بأس به ، لكنّه في هذا الاصطلاح الخاصّ الذي يستخدمه المحدّثون وغيرهم إيهام وتغرير للقارئ ، حيث إنّهم يستخدمون لفظ الصحابة في خصوص غير المنافقين منهم ، ثمّ بعد ذلك يحكمون بعدالة عموم الصحابة بما يشمل المنافقين وغيرهم ، وهذا تغرير بالقارئ وإخفاء للحقيقة.