منه خلقتني من نار وخلقته من طين » (١).
وقوله : « إنّ الشريعة إذا قيستْ مُحِقَتْ » هو أحسن تعبير للدّلالة على فساد القياس ، فلو استعمل الناس آراءهم المختلفة مقابل النصوص ، فلا ولن يبق للشريعة أثر ، ولو اتّبع الحقُّ أهواءهم لفسدت السماوات والأرض.
ونعود بعد هذا العرض الوجيز للاجتهاد لنقول في هذه المرّة بأنّ خالد بن الوليد عصى أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّةً أُخرى ، عندما بعثه إلى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام ولم يأمره بقتال.
فذهب إليهم وأوقع فيهم وغدر بهم بعدما أعلنوا إسلامهم وقتلهم صبراً ، حتّى أتّهمه عبد الرحمان بن عوف ـ الذي حضر معه تلك الوقعة ـ بأنّه إنّما قتلهم ليثأر لعمّيه اللذين قتلهما بنو جذيمة (٢).
ولمّا سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بتلك الوقعة الشنيعة تبرّأ إلى الله ممّا صنع خالد ثلاث مرّات ، ثمّ أرسل إليهم علي بن أبي طالب بأموال كثيرة ، فودّى لهم كلّ الدّماء التي أهرقها خالد.
ومهما يعتذر المعتذرون من « أهل السنّة والجماعة » عن خالد بن الوليد ،
__________________
١ ـ نحوه في الكافي ١ : ٥٨ ح٢٠.
٢ ـ أخرج اليعقوبي في تاريخه ٢ : ٦١ أنّ عبد الرحمان بن عوف قال : والله لقد قتل خالد القوم وهم مسلمون ، فقال خالد : إنّما قتلتهم بأبيك عوف بن عبد عوف ، فقال له عبد الرحمان : ما قتلت بأبي ولكنّك قتلت بعمّك الفاكه بن المغيرة.
أُنظر رعاك الله : إنّ خالداً لم ينكر قتله للقوم وهم مسلمون بل اعترف بأنّه قتلهم بعوف والد عبد الرحمان ، فهل يحقّ في دين الله أن يقتل قومٌ برجل واحد؟ وهل يجوز قتل المسلمين برجل كافر؟!