والمشرّعون ، وسُمّيتْ فيما بعد بمدرسة الخلفاء ، لابدّ لنا من الإشارة هنا بأنّ الاجتهاد بهذا المعنى هو معصيةُ الله ورسوله لا غير ، ولأنّنا ألِفْنا اصطلاح الاجتهاد مقابل النصّ فأصبح وكأنّه أمرٌ مشروع ، وفي الحقيقة يجب أن نقول : وعصى خالدٌ أمر النبيّ بدل أن نقول : واجتهد خالد برأيه مقابل النصّ ، كما علّمنا القرآن عندما قال : ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) (١) ، لأنّ الله نهاه عن الأكل من الشجرة ولأنّ آدم أكلَ منها ، فلا تقول : فاجتهد آدمُ برأيه مقابل النصّ.
ويجب على المسلم أن يقف عند حدّه ، ولا يقول برأيه في مسألة وردَ فيها أمرٌ أو نهيٌ منَ الله أو من رسوله ؛ لأنّ ذلك هو الكفر الصريح.
قال الله للملائكة : ( اسْجُدُوا لآدَمَ ) ، فهذا أمر ، ( فَسَجَدُوا ) ، وهذا إيجابٌ وامتثال وطاعة ، ( إِلاَّ إِبْلِيسَ ) (٢) إلاّ إبليس فإنّه اجتهد برأيه فقال : أنا خيرٌ منه فكيف أسجد له؟ وهنا عصيانٌ وتمرّد ، بقطع النظر عمّن هو خير ، آدم أمْ إبليس؟
ولذلك قرّر سبحانه : ( مَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (٣).
وإلى هذا أشار الإمام جعفر الصادق عندما قال لأبي حنيفة : « لا تقسْ فإنّ الشريعة إذا قيستْ مُحِقَتْ ، وإنّ أوّل من قاسَ إبليس عندما قال : أنا خيرٌ
__________________
١ ـ طه : ١٢١.
٢ ـ طه : ١١٦.
٣ ـ الأحزاب : ٣٦.