دليلا أنّ كلّ العلوم التي عرفها المسلمون تنسب إليه عليهالسلام (١).
__________________
١ ـ راجع في ذلك مقدمة ابن أبي الحديد على شرح نهج البلاغة.
وقال الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٢٢٥ : « ويقال : هو البطين من العلم لغزارة علمه وفطنته وحدّة فهمه ، كان عنده لكلّ معضلة عتاداً ، ورزق خشية الله عزّ وجلّ ، ولهذا كان أعلم الصحابة ، ويدلّ على أنّه كان أعلم الصحابة الإجمال والتفصيل : أما الإجمال : فهو أنّ عليّاً عليهالسلام كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل الفضلاء وخاتم الأنبياء ، وكان عليّ في غاية الحرص على طلب العلم ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في غاية الحرص على تربيته وإرشاده إلى اكتساب الفضائل ، ثمّ إنّ عليّاً بقي في أوّل عمره في حجر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي كبره صار ختناً له ، وكان يدخل عليه في كلّ الأوقات ، ومن المعلوم إنّ التلميذ إذا كان في غاية الحرص والذكاء في التعليم ، وكان الاُستاذ في غاية الحرص على التعليم ، ثمّ اتفق لهذا التلميذ أن اتّصل بخدمة مثل هذا الاستاذ من زمن الصغر ، وكان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا في كلّ الأوقات ، فإنّه يبلغ التلميذ في العلم مبلغاً عظيماً ويحصل له ما لا يحصل لغيره.
هذا بيان إجمالي ... وأمّا التفصيل فيدلّ عليه وجوه : الأوّل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أقضاكم عليّ » ، والقاضي محتاج إلى جميع أنواع العلوم ، فلمّا رجّح على الكلّ في القضاء لزم ترجيحه عليهم في جميع العلوم ، أمّا سائر الصحابة فقد رجّح كلّ واحد منهم على غيره في علم واحد ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أفرضكم زيد ، وأقرأكم أُبيّ ، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ... فلمّا ذكر لكلّ واحد فضيلة وأراد أن يجمعها لابن عمّه بلفظ واحد كما ذكر لأولئك ، ذكره بلفظ يتضمّن جميع ما ذكره في حقّهم ، وإنّما قلنا ذلك لأنّ الفقيه لا يصلح لمرتبة القضاء حتى يكون عالماً بعلم الفرائض والكتاب والسنّة والكتابة والحلال والحرام ويكون مع ذلك صادق اللهجة ، فلو قال : قاضيكم عليّ كان متضمناً لجميع ما ذكر في حقّهم ، فما ظنّك بصيغة أفعل التفضيل ... » ثمّ ذكر بعض الشواهد الدالة على أعلميته عليهالسلام.