أنا لم أجد مسوّغاً واحداً يؤيّد نسبة ما وقع إلى شورى مرجعها الدين الإسلاميّ ; لأنّها في واقع الأمر مجموعة من الأعمال المتناقضة التي هدّمت بعضها بعضاً ، فحصر الشورى في ستّة كان القصد منها تسليم الحكم بطريقة غير شريفة من الصهر ابن عوف إلى صهره ابن عفّان ، وهي رغبة الخليفة الثاني ، والسبب قد يكون إسداء يد لابن عفان مقابل كتابة هذا الأخير لوصيّة الخليفة الأول التي نقلها المؤرّخون ، أو قد يكون استمراراً في تنفيذ الاتّفاق الذي أبرمه المتحزّبون على صرف الحكومة عن الإمام عليّ عليهالسلام ، وأغلب هؤلاء هم طلقاء النبيّ صلىاللهعليهوآله من بني أميّة. وقد تهاوت نظرية الشورى بتنصيص أبي بكر على عمر وحصر عمر لها بسته اشخاص فقط !
وما أنْ تمّ للإمام عليّ عليهالسلام أمر الحكومة ، حتّى كشّر أعداءه عن أنيابهم ، ووقفوا في وجهه يحولون دونه والمضيّ بالأمّة في طريق التوحيد والإنابة ، بسبب السياسات الخاطئة التي صدرت عمّن سبقه ، واستطاع الطلقاء أنْ يبنوا قوّة على مدى عشرين سنة ، استكملت عدّتها وعددها ، ووقفت جحافلها تريد صرف الإمامة عن عليّ عليهالسلام تحت مبرّر القصاص من قتلة عثمان.
وفي واقع الأمر ، ما كانت المطالبة بدم عثمان ، إلّا تعلّة للخروج على إجماع الأمّة ، وإحداث الفتنة في صفّها ، ومحاولة خبيثة لتحويل الثورة التي قام بها المسلمون الحقيقيون الغيارى على الدين وأهله من عنت وظلم وبغي بني أميّة ، إلى جريمة ، وقلب حقيقة الخليفة عثمان الذي استغله بنو أبيه ، من حاكم ظالم بدّل وغيّر ، واستنزف الأموال الإسلاميّة في مصالح شخصيّة ، واستعمل المنافقين والفسقة والأدعياء ، أمراء وحكّاما وقادة على وجوه الأمّة وخيارها ، إلى خليفة مظلوم ، مات شهيداً والمصحفُ بين يديه.
إنّ من يشكّ في إسلاميّة الثورة التي
قامت على الخليفة الثالث ، وأحقيّة