المنوّرة سنة ٨٣ هجرية ، وتوفّي بها ، ودفن في مقابر الشهداء بالبقيع ، إلى جانب آبائه الإمام الحسن بن عليّ عليهالسلام ، والإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام ، والإمام محمد بن عليّ عليهالسلام سنة ١٤٨ هجرية.
لم يتتلمذ من أئمّة المذاهب الإسلاميّة ، على يدي الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، أبو حنيفة ومالك بن أنس فقط ، بل تتلمذ عليه أيضاً سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، ومحمّد بن الحسن الشيباني ، ويحيى بن سعيد ، ومن العلماء والمحدّثين والفقهاء غيرهم ، كأبي أيوب السجستاني ، وشعبة بن الحجّاج ، وعبد الملك بن جريج ، حتّى أنّ جابر بن حيان عالم الكيمياء الشهير ، كان من تلاميذ الإمام الصادق عليهالسلام في ذلك العلم ، وبلغ مجموع تلامذة الإمام جعفر بن محمد عليهالسلام أربعة آلاف تلميذاً (١).
كان الإمام جعفر بن محمّد الصادق ، ووالده محمّد بن عليّ باقر العلوم عليهالسلام ، المؤسسين لجامعة العلوم الإسلامية ، التي تخرّج منها آلاف العلماء الأجلّاء في شتّى العلوم ، في عصر استفحلت فيه عقائد غريبة على الإسلام ، وظهرت وسط الأمّة فرق تأسّست أفكارها من أجل إبعاد المسلمين عن نبع أهل البيت الصافي ، وصرفهم عن معين دين النبيّ الخاتم صلىاللهعليهوآله ، فتصدى هو ووالده عليهماالسلام إلى ذلك التحريف لإبطاله ، وتفنيد مزاعم التحريفيين في العقائد الإسلاميّة ، على خطى آبائهم وأجدادهم في الذبّ عن الدين ، والدفاع عن بيضته ، ممّا جعلهم عرضة للاضطهاد والتنكيل والقتل ، من طرف طواغيت أزمنتهم من الأمويين والعباسيين ، الذين كانوا يقفون وراء جلّ محاولات التحريف ، والبدع التي ألصقت بالدين.
وقد سجّل المؤرخون مواقف أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وتصدّيهم لإزالة الشوائب التي علقت بالدين ، أقتصر منها على ما نقل عن الإمام الصادق عليهالسلام ، سادس أئمة
_________________
(١) الإرشاد للمفيد ٢ : ١٧٩.