وهذا ما اعترف به ابن حجر في الصواعق المحرقة ، حيث ذكر بأنّ فاطمة ادّعتْ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نحلها فدكاً ، ولم تأتِ عليها بشهود إلاّ بعلي بن أبي طالب وأُمّ أيمن ، فلم يكمل نصاب البيّنة (١).
كما قال الإمام الفخر الرّازي في تفسيره : فلمّا مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ادّعتْ فاطمة عليهاالسلام أنّه كان ينحلها فدكاً ، فقال لها أبو بكر : أنتِ أعزّ النّاس علىَّ وأحبّهم إلىَّ غِنى ، لكنّي لا أعرف صحة قولك ، فلا يجوز أن أحكم لك ، قال : فشهدت لها أُمّ أيمن ومولى لرسول الله ، فطلب منها أبو بكر الشاهد الذي يجوز قبول شهادته في الشرع ، فلم يكن (٢).
ودعوْى فاطمة عليهاالسلام بأنّ فدكاً أنحلها لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ أبا بكر ردّ دعوتها ، ولم يقبل شهادة علي عليهالسلام وأُم أيمن; معلومة لدى المؤرّخين ، وقد ذكرها كلّ من ابن تيمية ، وصاحب السيرة الحلبية ، وابن القيم الجوزية وغيرهم.
ولكنّ البخاري ومسلم اختصراها ، ولم يذكرا إلاّ طلب الزهراء بخصوص الإرث ، حتّى يُوهما القارئ بأنّ غضب فاطمة على أبي بكر في غير محلّه ، ولم يعمل أبو بكر إلاّ بما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهي ظالمة وهو
____________
ممّا مضى أنّ الأمر كان ذا أبعاد متشعبة.
ومن هنا يعرف أنّ ما ذكره مؤلّف كتاب كشف الجاني في الصحفة ١٣٤ ما هو إلاّ ارتجال ناشئ عن الجهل الذي أطبق عليه.
(١) الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي ١ : ٩٣ الشبهة السابعة.
(٢) تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي ١٠ : ٥٠٦ تفسير سورة الحشر الآية السادسة.