فالظاهر أن مستقبل النظرة الجديدة يوحي بالعودة بثقافتنا إلى الإيمان بوجود الله الواحد وبإعادة التأكيد على الجانب الروحي من طبيعة الإنسان وعلى صعيد الفنون تزيل النظرة الجديدة من علم النفس وعلم الكونيات أسباب النفور والعبثية مستعيضة عنها بالغائية والله والجمال والعناصر الروحية وكرامة الإنسان ... ) (١) ...
هكذا يلتقي فلاسفة العلم أواخر القرن العشرين أو على الأقل بعضهم مع ما أسسه باقر الصدر منذ خمسين سنة تقريباً ... حول المفهوم الفلسفي للعالم ... هذا المفهوم الذي يخرق حجب المادة ويتجاوز حدودها الضيقة ليمنح الإنسان كوناً اعظم .. ورسالة أكبر ... وآفاقاً أرحب ... إنها رؤية كونية تجمَع بين الأرض والسماء ... بين المادة والروح بين الغيب والشهادة .. إن الرؤية الكونية الإنسانية .. تتجاوز الأطر الضيقة للحضارة المادية .. وتبشر بحضارة خلاص ... تنعتق من لاهوت الأرض لتعانق عنان السماء .. ( فالمنهاج العلمي لحياة البشر الذي كرسته الحضارة الأوروبية أدى وسيؤدي إلى انسحاق الإنسان في عالم الأشياء وارتباطه بالجبرية المادية وتحوله إلى كائن بلا تاريخ وبلا حاضر وبلا مستقبل كائناً مستلباً ومنفعلا ولا يبقى أمامه سوى الوعد بجنة الأرض يعبر إليها في أحسن الحالات عبر بوابات الجحيم فلا يبقى منه ما يلج به الجنة يبقى الوعد المنشود كالجزرة أمام الحصان ويسقط الحصان دون أن يبلغ الجزرة ... فإن أي محاولة جذرية
__________________
١ ـ م. ن ، ص ١٤٧.