لإيجاد بديل حضاري فلسفي لمنهاج الحياة البشرية تتطلب خروجاً واضحاً على لاهوت الأرض ... ) (١) ، وطبعاً لا يكون ذلك إلاّ بتجاوز الرؤى الكونية المادية للاتصال بالغيب ... ورسالاته ..
خامساً : الله وفعاليته في التاريخ :
كانت ولا تزال علاقة الغيب والشهادة مثار بحث وجدل ... ولا تزال العديد من قضايا هذه العلاقة تثير تساؤلات عديدة : منها : هل يصادر الإيمان بالغيب الدور الإنساني؟ ما هي طبيعة العلاقة بين عالم الغيب وعالم الشهادة؟ كيف يؤثر الله في التاريخ؟ الخ ... هذه الأسئلة وأصل الاشكالية حول جدلية الغيب والشهادة غائبه تقريباً عن البحث الكلامي القديم لكنها تبدو بارزة في بحوث باقر الصدر خاصة وان الايمان بالغيب صار لدى الكثيرين عنوان سلب الإنسان قدرته وامكاناته وانسحاقه امام الله ( فقد سيطر على تاريخنا الفكري مفهوم تواكلي يشرح الإيمان بالغيب وقدرة الله المطلقة كأمور مقابلة بالضرورة لسطحية بشرية في مقابل علم الله ولعجز بشري في مقابل قدرة الله فهل الإيمان الحقيقي بالغيب يعطل قدرات الإنسان ووعيه عن التفاعل الواسع بالحركة الكونية؟ إن الذي فهموا الارتباط بالغيب باعتبار تعطيلا لعالم الحس لا يدرون شيئاً لا عن الحس ولا عن عالم الغيب وبالتالي لا يفهمون العلاقة بينهما إلاّ كتناقض لا تناسبه فتصبح مهمة الإنسان أن تستقيل نفسه من
__________________
١ ـ أبو القاسم حاج حمد العالمية الإسلامية الثانية ، دار المسيرة ، ص ٥١.