الدليل الذي يقدمه الصدر على المعاد على ( التلازم بين العدل والجزاء ) فالعقل الفطري يدرك ان الظالم الخائن جدير بالمؤاخذة وان العادل الأمين الذي يضحي في سبيل العدل والامانة جدير بالمثوبة وكل واحد منا يجد في نفسه دافعاً إلى مؤاخذة الظالم المنحرف وتقدير العادل المستقيم ولا يحول دون تنفيذ هذا الدافع عند احد الاعجزه عن اتخاذ الموقف المناسب أو تحيزه الشخصي وما دمنا نؤمن بان الله سبحانه وتعالى عادل مستقيم في سلوكه وقادر على الجزاء المناسب ثواباً وعقاباً فلا يوجد ما يحول دون تنفيذه ذلك ...
ولكننا نلاحظ أن هذا الجزاء كثيراً ما لا يتحقق في هذه الحياة التي نحياها على هذه الأرض على الرغم من أنه مقدور لله سبحانه وتعالى وهذا يبرهن على وجود يوم مقبل للجزاء يجد فيه العامل المجهول الذي ضحى من أجل هدف كبير ولم يقطف ثمار تضحيته والظالم الذي افلت من العقاب العاجل وعاش على دماء المظلومين وحطامهم يجد هذا وذاك فيه جزاءهما العادل وهذا هو القيامة الذي يجسد كل تلك القيم المطلقة للسلوك ( العدل والاستقامة والامانة والصدق الوفاء ونحوها ... ) وبدونه لا يكون لتلك القيم معنى (١).
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر ، الفتاوى الواضحة ، م. س ، ص ٥٥.