الرؤية الكونية التوحيدية ... لانه المرتكز الأساسي لقيام أي حضارة وأي مجتمع حيث انه ( لكل حضارة من الحضارات تصور كوني للعالم أي نظرة يفهم وفق لها كل شيء ويقيم والتطور السائد في حضارة ما هو الذي يحدد معالمها ويشكل اللحمة بين عناصر معارفها ويملي منهجتها ويوجه تربيتها ... وتصورنا للعالم هو من الأهمية بحيث لا ندرك أن لدينا تصوراً ما إلاّ حين نواجه تصوراً بديلا إما بسفرنا إلى حضارة اخرى وإما باطلاعنا على أخبار العصور الغابرة وأما حين يكون تصور حضارتنا للعالم في طور التحول ) (١).
من دلائل عبقرية الشهيد وبعد نظره أن النتائج التي توصل إليها في إثبات قصور المادة والظواهر عن تفسير الكون جاءت مطابقة للنظرية العلمية الحديثة التي أبطلت النظرية العلمية القدمية ( المادية العلمية ) وبات الاعتقاد بأن الأشياء جميعاً قابلة للتفسير بلغة المادة لاغِياً وباطلا ... فهذا الرأي كان مقبولا ولكن في ضوء البحوث الفيزيائية الجديدة ونتائج علم الفسلجة وعلم النفس ... الخ .. بات العلم أقرب إلى المفهوم الفلسفي الإلهي للعالم. يقول مؤلفا ( العلم في منظوره الجديد ) ( وفي وسعنا ان نتوقع تحول الفلسفة المعاصرة تشجعها على ذلك النظرة الجديدة عن يأسها الفكري إلى بحث صحي ونشيط عن حكمة ترتكز على يقينيات الخبرة العامة أما فيما يتعلق بالدين
__________________
١ ـ اغروس. روبرت. العلم في منظوره الجديد ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد ١٣٤ ، ص ١٥.