النقلة المنهجية الأولى :
في كتاب فلسفتنا تبنى باقر الصدر النظرية الارسطية في المعرفة حيث سلّم بالبديهيات الست وضرورة مبدأ العلية ومسألة : بداهة الواقع الخارجي لكنه لم يكن ليقف في حدود منطق أرسطو الذي حكم إلى حد ما تراثنا الفكري وخاصة الكلامي الذي تأثّر بالمباحث المنطقية والفلسفية إثر ترجمة التراث اليوناني. واتخذ طابعاً جدلياً وتطرف أحياناً كثيرة في ملاحقة إشكالات الفلسفة والمنطق الارسطي حتى سقط في التجريد المطلق والبحث عن شبهات افتراضية أكثر منها واقعية لا ثمرة عملية من ورائها.
لكن باقر الصدر لم يستسلم للهيبة التاريخية للمنطق الأرسطي رغم كل التعديلات التي أدخلها عليه المفكّرون الإسلاميون وقطع مع هذا التراث الطويل بأطروحته المتميزة : الأسس المنطقية للاستقراء والذي قال عنها باقر الصدر نفسه .. أنها استطاعت أن تملأ فراغاً كبيراً في نظرية المعرفة البشرية لم يستطع الفكر الفلسفي أن يملأه خلال الفي سنة (١).
ليس كتاب الأسس المنطقية للاستقراء ، كما قد يوحي عنوانه دراسة
__________________
١ ـ محمود الهاشمي ، بحوث في علم الأصول ، المجمع العالمي للشهيد الصدر ، مج٤ ، ص ١٤٠.