الذهني للمستقبل يرجعه باقر الصدر إلى جانب فكري يضم التصورات : ( الهدف ) وجانب آخر ( الارادة ) أي الطاقة التي تدفع الانسان نحو الهدف ( وبالامتزاج بين الفكر والارادة تحقق فاعلية المستقبل ومحركيته للنشاط التاريخي على الساحة الاجتماعية وهذان الأمران ( الفكر والارادة ) هما في الحقيقة المحتوى الداخلي الشعوري للإنسان ) (١). هذا المحتوى هو الاساس للبنى الفوقية للمجتمع من أنظمة وعلاقات ( فالعلاقة علاقة تبعية علاقة سبب بمسبب هذه العلاقة تُمثّل سنة تاريخية ) (٢). لأجل ذلك بنى الإسلام نظريَّتهُ في التغيير على التلازم بين تغيير البنى الفوقية وتغيير ما بالنفوس : المحتوى الداخلي وهذا ما تتضمنه الآية : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) ( الرعد ١١ ) وقوله تعالى : ( ذلك بأن الله لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( الانفال ٥٣ ). هذا التلازم هو عين الارتباط بين الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر فعملية البناء الداخلي تسمى ( الجهاد الأكبر ) وعملية إرساء البنى الفوقية يطلق عليها باقر الصدر : ( الجهاد الأصغر ) أن الجهاد الأصغر إذا فصل عن الجهاد الأكبر فقد محتواه ومضمونه وفقد قدراته على التغيير الحقيقي على الساحة التاريخية والاجتماعية ) (٣).
__________________
١ ـ م. ن ، ص ١٤٠.
٢ ـ م. ن ، ص ١٤٠.
٣ ـ م. ن ، ص ١٤٣.