المنطقي ويكون التوحيد أصل الأصول ولكن من منظور اجتماعي وسياسي وتاريخي.
ثالثاً : التوحيد والمحتوى الداخلي
( المحتوى الداخلي ) مفهوم يتكرر كثيراً في كتابات باقر الصدر ويلامس العديد من نظرياته في مجالات شتى : التربية وبناء الشخصية ، الحرية ، الثورة ، البنى الاجتماعية ، نظام العبادات .. الخ.
فالمحتوى الداخلي يشكل في المنظور ( الصدري ) الثقل الحقيقي للانسان ويحدد إلى مدى بعيد طبيعة دوره وخطه في الحياة ، لانه يستند أساساً إلى المثل الأعلى. من هنا نفهم كيف أن العقيدة الإسلامية التوحيدية تستهدف بناء محتوى داخلي توحيدي إن صح التعبير.
ولكن لنبحث مع الصدر عن حقيقة هذه المقولة وجذورها النظرية : إن المحتوى الداخلي هو المضمون الفكري والروحي للإنسان والذي يعتبر جوهر بناء الفرد ويحدد تبعاً لذلك الانشطة والأدوار الممارسة في الحياة. أما كيف يتشكل هذا المحتوى؟ للإجابة عن السؤال يعود بنا التحليل الصدري إلى حركة التاريخ ومميزات حركة الإنسان : فلا جدال في المنظور الإسلامي أن الإنسان هو محور حركة التاريخ. ولما كانت حركة التاريخ غائية لا سببية فقط لانها مشدودة إلى غاية ترنو إليها فان المستقبل هو الغاية فهو حينئذ : المحرك لأي نشاط وقطعاً إن هذا المستقبل الذي يحفز الانسان هو المستقبل بوجوده الذهني لأنه معدوم فعلا وهذا الوجود