المقدمة الثانية : الأدنى لا يكون سبباً لما هو أعلى منه درجة.
المقدمة الثالثة : ان الموجودات بالاستقراء تتفاوت في الدرجات وتتنوع في الاشكال.
انطلاقاً من هذه المقدمات يطرح سؤال : من أين جاءت هذه الزيادة النوعية؟ كيف ظهرت هذه الاضافة النوعية التي نراها في بعض الموجودات المتمتعة بدرجات عالية من الكمال؟
في مقام الجواب لا يمكن أن نقول أن الزيادة جاءت من المادة نفسها لأن هذا الجواب يتعارض مع المقدمة الثانية ( الأدنى لا يكون سبباً للأرقى ). والجواب الصحيح : ( ان هذه الزيادة جاءت من مصدر يتمتع بكل ما تحويه تلك الزيادة الجديدة من حياة واحساس وفكر وهو الله سبحانه وتعالى.
ويفنّد باقر الصدر كل المحاولات الميكانيكية والمادية في تفسير تطور المادة ومحاولة ارجاع هذه الزيادات النوعية والمراتب الكمالية إلى المادة نفسها (١) ويجزم قائلا ( ان حركة المادة دون تموين وإمداد من خارج لا يمكن أن تحدث تنمية حقيقية وتطور إلى شكل أعلى ودرجة أكثر تركيزاً فلابدّ لكي تنمو المادة وترتفع إلى مستويات عليا كالحياة والتفكر من رب يشع بتلك الخصائص ليستطيع أن يمنحها للمادة وليس دور المادة في
__________________
١ ـ انظر فلسفتنا ( الجزء الثاني ) حيث يثبت أن هناك وجود جهة عليا وراء المادة تسبب هذه الزيادة النوعية.