ثمّ حقّ خصمك المدّعي عليك ، ثمّ حقّ خصمك الذي تدّعي عليه ، ثمّ حقّ مستشيرك وحقّ المشير عليك ، ثمّ حقّ مستنصحك وحقّ الناصح لك ، ثمّ حقّ من هو أكبر منك ، وحقّ من هو أصغر منك ، ثم حقّ سائلك وحقّ من سألته ، ثمّ حقّ أهل ملّتك عامّة ، ثمّ حقّ أهل الذمّة ، ثمّ الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال وتصرّف الأسباب... ». ثمّ يفصلها واحداً بعد الآخر بشكل محكم ودقيق..
وهكذا ومن أول كلمة ، أو التفاتة ، وبلا مزايدات إعلامية ، نلاحظ أن الإمام السجاد عليهالسلام أكّد علىٰ حق الله الذي هو ما أوجبه الخالق علىٰ الناس من قيم عظيمة ومُثل نبيلة ، لم يحاول عليهالسلام الدخول في تفاصيلها وفرض وصايته علىٰ تحديدها ، كما يفعل بعض من يدّعون الوصاية علىٰ الناس والحديث نيابة عن المطلق ، ولسبب بسيط ومعلوم طبعاً أنّ حقّ الله علىٰ العباد جاء واضحاً صريحاً بسيطاً في كتب الله وسيرة أنبيائه ورسله وتعاليمهم التي دعت إلىٰ التحلّي بالاخلاق الفاضلة والقيم الرفيعة التي جُبلت عليها الفطرة البشرية السليمة ، وبلا مماهاة أو مماحكات أو التواءات ، كالصدق والأمانة والحياء والوفاء والانتصار للمظلوم ومخاصمة الظالم ومساعدة المحتاج ، وإغاثة الملهوف ، والمعاملة الطيبة وصدق الحديث وبرّ الوالدين والرفق بالضعيف والجار وما إلىٰ ذلك.
وكما هو حقّ الله المدوّن في كتابه وسُنّة أنبيائه ، جاء حقّ النفس علىٰ صاحبها ، ثمّ حقوق الآخرين فرداً فرداً ، ليكون الإمام عليهالسلام أفضل تجسيد لها ، والإنصهار بها ، وبلا مدّعيات أو شعارات ـ كما قلنا ـ قد تُفرِّغ المفاهيم من روعتها ، وتُسفِّه المصاديق العظيمة وتستخفّ بها.
لنمر مروراً سريعاً أيضاً علىٰ مقتطفات
من بعض هذه الحقوق كما