كل ذلك من القرآن الكريم والحديث الشريف والسُنّة النبوية المطهّرة...
ولم يفُت الإمام عليهالسلام في خاتمة رسالته ، أن يحدّد حقوق أهل الذمّة مذكّراً بحديث جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام : « الناس صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لكَ في الخلق... » (١) ، فيقول عليهالسلام : « وأما حق أهل الذمّة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله ، وتفي بما جعل الله لهم في ذمته وعهده ، وتكِلهم إليه في ما طلبوا من أنفسهم ، وتحكم فيهم بما حكم الله به علىٰ نفسك في ما جرىٰ بينك وبينهم من معاملة... ».
إلى أن يقول : « وأن تقبل منهم ما قبل الله عزَّ وجلَّ منهم ، ولا تظلمهم ما وفّوا لله عزَّ وجلَّ بعهده... ».
وهذا يعني أنّ المقياس الأول والأخير في تحديد الحق بينك وبين الآخرين هو حدود الله ، فلا مجال للأهواء والمصالح والمتغيّرات ، ولا أغطية ومجاملات وعلاقات علىٰ حساب اللياقات ـ كما يقولون ـ ولا (حق فيتو) يتوارىٰ خلفه أصحاب المصالح والأهواء ، ولا عبارات مطّاطة وتوظيف نصوص تكيل الأمور بمكيالين وتزنها بميزانين..
مسألة اُخرىٰ مهمة في رسالة الحقوق هذه ، أنّها توجهت إلىٰ النفس الإنسانية مباشرة وراحت تعالج أدقّ التفاصيل التي تعتمل في سريرة الفرد ودخيلته ، أي ليس كما جاء في الإعلانات العالمية المعاصرة لحقوق
_______________________
(١) نهج البلاغة ٣ : ٨٣ ـ ١٠٢.