يستبيحون الحرمات ، ويهتكون المقدّسات ، ويستهترون بالقيم والمبادىء والحدود...
نعم ، لقد هزّ الإمام السجاد بتلك الدموع عروش الأمويين وزلزل حكمهم ، ونغّص عليهم دنياهم التي باعوها بدينهم وآخرتهم ، والتي لم يحفظوا فيها لأهل بيت النبي حرمة ، ولا رعوا لهم فيها إلاً ولا ذمة... فكان الذي كان وصار الذي سنقرأ بعض تفاصيله في الصفحات القليلة التالية...
في قراءة سريعة لسيرة الإمام السجاد عليهالسلام لا يسع القارئ إلّا أن يتوقف أمام البداية والمرتكز اللذين وسما شخصيته عليهالسلام وجعلاه يُسجّل أسطع صفحات النضال في مسيرته المستقبلية اللاحقة...
ويمكن اعتبار حضوره في كربلاء ومواقفه في الشام ، وتخطيطه في المدينة بعد عودته إليها هي المحطات الثلاثة التي تؤشر الأبعاد الحقيقية التي بلورت شخصيته الجهادية في قابل الأيام والسنين ، فضلاً عن محطته الرئيسية في بيت العصمة والطهارة الذي نشأ وعاش وترعرع فيه وخاصة مع جدّه الإمام علي وأبيه الحسين وعمّيه الحسن والعباس عليهمالسلام.
وعند التأمل في هذه المحطات الثلاث ، نكتشف أنّ جهاد الإمام السجّاد عليهالسلام ودوره في تأصيل القيم التي من أجلها استشهد جده وأبوه وعمّاه ، لم تكن لتُرسم بقعقعة السيوف وصليلها فقط ، وإنّما بكشف الحقائق التي تمّ تزويرها أو التعتيم عليها بعد مصرع أبيه وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ، وتوقّف صهيل خيولها وهجع ضجيج عساكرها وصخب مقاتليها...