فقال ابن عباس : أمّا قوله : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، فإنّهم لمّا رأوا أنّه لا يدخل الجنّة إلاّ أهل الإسلام ، قالوا : تعالوا فلنجحد ، فقالوا : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم فلا يكتمون الله حديثاً » (١).
وأخرج أيضاً عن سعيد بن جبير قال : « جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أشياء تختلف علي في القرآن ، فقال : ما هو؟ أشك في القرآن؟ قال : ليس بالشك ولكنه اختلاف.
قال : فهات ما أختلف عليك ، قال : أسمع الله يقول : (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢) ، وقال : (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً) (٣) ، وقد كتموا.
فقال ابن عباس : أمّا قوله : (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٤) ، فإنّهم لمّا رأوا يوم القيامة إنّ الله يغفر لأهل القيامة ، ويغفر الذنوب ولا يغفر شركاً ، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحد المشركون فقالوا : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٥) رجاء أن يغفر لهم ، فختم على أفواههم ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، فعند ذلك :
____________
(١) جامع البيان ٥ / ٩٤ ط٢ الباب الحلبي وأولاده بمصر ١٣٧٣ هـ.
(٢) الأنعام / ٢٣.
(٣) النساء / ٤٢.
(٤) الأنعام / ٢٣.
(٥) الأنعام / ٢٣.