قال : وأمّا التي في سورة النساء : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ...) (١) الآية ، فهو الرجل الذي قد عرف الإسلام وعَمِل عَمل الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم ، لا توبة له.
قال : فذكرت ذلك لمجاهد ، فقال : إلاّ من ندم.
قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » (٢).
أقول : ومجاهد هذا من تلاميذ ابن عباس ، ومن عرض عليه القرآن مراراً ثلاثين مرّة ، وفي ثلاث منها يسأله عنه حرفاً حرفاً (٣) ، ففي قوله هذا يجعلنا في حيطة من الأخذ بتفسيره على أنّه أحد التفاسير عن أستاذه.
وأخرج الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير قال : « أتى رجل ابن عباس فقال : سمعت الله يقول : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٤) ، وقال أيضاً في آية أخرى : (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً) (٥).
____________
(١) النساء / ٩٣.
(٢) المستدرك ٢ / ٤٠٣.
(٣) أخرج الطبري في تفسيره ٢ / ٣٩٥ ط البابي الحلبي وأولاده بمصر ١٣٧٣ هـ عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية واسأله عنها ، حتى انتهى إلى هذه الآية : ( نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ( البقرة / ٢٢٣ ) ، فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش ، كانوا يشرحون النساء بمكة ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا في الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بنهن كما كانوا يفعلون بالنساء بمكة ، فأنكرن ذلك ، وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه ، فانتشر الحديث حتى أنتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك : ( نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) إن شئت فمقبلة وأن شئت فمدبرة ، وأن شئت فباركة ، وإنما يعني بذلك موضع الحرث الولد يقول إئت الحرث من حيث شئت.
(٤) الانعام / ٢٣.
(٥) النساء / ٤٢.