الله بن معقل : كنت قائماً على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك اليوم ، وبيدي غصن من السمرة ، أذب عنه ، وهو يبايع الناس ، فلم يبايعهم على الموت ، وإنّما بايعهم على أن لا يفرّوا.
قال ابن عباس : صالح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية مشركي مكة ، على أنّ من أتاه من أهل مكة ، ردّه عليهم ، ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو لهم ، ولم يردّوه عليه ، وكتبوا بذلك كتاباً ، وختموا عليه. فجاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية ، مسلمة بعد الفراغ من الكتاب ، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية. فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم ـ وقال مقاتل : هو صيفي (١) بن الراهب ـ في طلبها ، وكان كافراً. فقال : يا محمد! أردد علي امرأتي ، فإنك قد شرطت لنا أن تردّ علينا من أتاك منا ، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد. فنزلت الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ) (٢) من دار الكفر إلى دار الإسلام : (فَامْتَحِنُوهُنَّ).
قال ابن عباس : إمتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج ، ولا رغبة عن أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، وما خرجت إلاّ حبّاً لله ولرسوله. فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما خرجت بغضاً لزوجها ، ولا عشقاً لرجل منا ، وما خرجت إلاّ رغبة في الإسلام ، فحلفت بالله الذي لا إله إلاّ
____________
(١) في نسختين : صيف بدل صيفي.
(٢) الممتحنة / ١٠.