فقال عمر. يا عدوة الله! النبيّ لا يقول إلاّ حقاً ، والذي بعثه بالحق ، لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي! فقام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهراً ، لا يقرب شيئاً من نسائه ، يتغدّى ويتعشّى فيها ، فأنزل الله تعالى هذه الآية! » (١).
١٩ ـ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (٢).
قال ابن عباس : « نزل قوله : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ) في عقبة بن أبي معيط وأبيّ بن خلف ، وكانا متخالّينَ ، وذلك أنّ عقبة كان لا يقدم من سفر إلاّ صنع طعاماً ، فدعا إليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة الرسول فقدم من سفره ذات يوم ، فصنع طعاماً ، ودعا الناس ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى طعامه. فلمّا قربوا الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما أنا بآكل من طعامكم حتى تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وإنّي رسول الله ، فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمداً رسول الله. وبلغ ذلك أُبي بن خلف ، فقال : صبأْت يا عقبة؟ قال : لا والله ما صبأت ، ولكن دخل عليَّ رجل ، فأبى أن يطعم من طعامي إلاّ أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي ، ولم يطعم ، فشهدت له فطعم. فقال أُبي : ما كنت براض عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه! ففعل ذلك عقبة ، وأرتدَّ ، وأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : لا ألقاك خارجاً من مكة إلاّ علوت رأسك بالسيف. فضرب عنقه يوم بدر صبراً.
____________
(١) مجمع البيان ٨ / ١٥١.
(٢) الفرقان / ٢٧.