__________________
ـ ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه ، وقد نص عليه الامام المفترض الطاعة؟
فقال لهم : لم أسمعه ينص عليه بالوكالة وليس انكر أباه ـ أي : عثمان بن سعيد ـ فاما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه.
فقالوا : قد سمعه غيرك ، فقال أنتم وما سمعتم ، ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرءوا منه ، ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.
ومنهم : أبو طاهر محمد بن علي بن بلال ، وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ـ نضر الله وجهه ـ وتمسكه بالأموال التي كانت عنده للامام ، وامتناعه من تسليمها ، وادعاؤه أنه الوكيل ، حتى تبرأت الجماعة منه ولعنوه وخرج فيه من صاحب الزمان ما هو معروف.
( وحكى ) أبو غالب الرازي : قال : حدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال :
كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعد ما وقعت الفرقة ثم أنه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب قال :
كنت عند أبي طاهر بن بلال يوما وعنده أخوه أبو الطيب وابن حرز وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال : أبو جعفر على الباب ، ففزعت الجماعة لذلك ، وأنكرته للحال التي كانت جرت وقال : يدخل.
فدخل أبو جعفر ـ رضياللهعنه ـ فقام له أبو طاهر والجماعة. وجلس في صدر المجلس ، وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه ، إلى أن سكتوا ـ ثم قال : يا أبا طاهر نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان بحمل ما عندك من المال إلي؟
فقال : اللهم نعم.
فنهض أبو جعفر ـ رضياللهعنه ـ منصرفا ، ووقعت على القوم سكتة ، فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطيب :
من أين رأيت صاحب الزمان؟
فقال أبو طاهر : أدخلني أبو جعفر ـ رضياللهعنه ـ إلى بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه.
فقال له أبو الطيب : ومن أين علمت أنه صاحب الزمان (عليهالسلام)؟
قال : قد وقع علي من الهيبة له ، ودخلني من الرعب منه ، ما علمت أنه صاحب الزمان (عليهالسلام) ، فكان هذا سبب انقطاعي عنه.
ومنهم : الحسين بن منصور الحلاج ، أخبرنا الحسين بن إبراهيم عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال :
لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ، ويظهر فضيحته ويخزيه ، وقع له أن أبا سهل بن إسماعيل بن علي النوبختي ـ رضياللهعنه ـ ممن تجوز عليه مخرقته ، ووجه إليه يستدعيه وظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله ، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق به ، ويتسوف بانقياده على غيره ، فيستتب إليه ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب أيضا عندهم.
ويقول له في مراسلته إياه : إني وكيل صاحب الزمان (عليهالسلام) ـ وبهذا أولا كان يستجر الجهال ثم يعلو منه إلى غيره ـ وقد امرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوى نفسك ، ولا ترتاب بهذا الأمر.
فأرسل إليه أبو سهل ـ رضياللهعنه ـ يقول له :
إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك ، في جنب ما ظهر على يديك ، من الدلائل والبراهين ، وهو أني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن ، ولي منهن عدة أتحظاهن والشيب يبعدني عنهن ، وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة وأ تحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك ، والا انكشف أمري عندهن ، فصار القرب بعدا ، والوصال هجرا وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مئونته ، وتجعل لحيتي سوداء ، فاني طوع يديك ، وصائر إليك ، وقائل بقولك ، وداع إلى مذهبك ، مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة.