قال المجمع عليه بالوحدانية أما سمعته يقول ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (١) ثم يقولون بعد ذلك له شريك وصاحبة.
فقلت قوله ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) (٢)؟
قال يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ـ ولم تدرك ببصرك ذلك فأوهام القلوب لا تدركه فكيف تدركه الأبصار؟
وسئل عليهالسلام أيجوز أن يقال لله إنه شيء؟
فقال نعم تخرجه من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه.
وعن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام فسأله رجل فقال أخبرني عن الرب تبارك وتعالى أله أسماء وصفات في كتابه؟ وهل أسماؤه وصفاته هي هو؟
فقال أبو جعفر عليهالسلام إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول هي هو أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وإن كنت تقول هذه الأسماء والصفات لم تزل فإن مما لم تزل محتمل على معنيين فإن قلت لم تزل عنده في علمه وهو يستحقها فنعم وإن كنت تقول لم تزل صورها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره بل كان الله تعالى ذكره ولا خلق ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدون وهي ذكره وكان الله سبحانه ولا ذكر والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل والأسماء والصفات مخلوقات والمعني بها هو الله لا يليق به الاختلاف ولا الايتلاف وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ.
ولا يقال له قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته لأن ما سوى الواحد متجزئ والله واحد ولا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز لسواه وكذلك قولك عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل لسواه فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع فلا يزال من لم يزل عالما.
فقال الرجل فكيف سمينا ربنا سميعا؟
فقال لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك ولم نصفه ببصر طرفة العين وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وما هو أخفى من ذلك وموضع المشي منها
__________________
ص ٤١٤ وفي أصحاب العسكري ص ٤٣١. وذكره العلامة في الخلاصة فقال : يكنى أبا هاشم الجعفري رحمهالله من أهل بغداد ثقة جليل القدر ، عظيم المنزلة عند الأئمة عليهمالسلام. شاهد أبا جعفر وأبا الحسن وأبا محمد عليهمالسلام. وكان شريفا عندهم ، له موقع جليل عندهم. روى أبوه عن الصادق عليهالسلام.
(١) العنكبوت ـ ٦١.
(٢) الأنعام ـ ١٠٣.