يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (١).
فكيف لهم باختيار الإمام والإمام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة مخصوص بدعوة الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب في البيت من قريش والذروة من هاشم والعترة من آل الرسول والرضا من الله وشرف الأشراف والفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله ناصح لعباد الله حافظ لدين الله.
الأنبياء والأئمة يوفقهم الله ـ ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله عز وجل ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) وقوله عز وجل ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) (٣) وقوله عز وجل في طالوت ( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٤) ـ وقال عز وجل لنبيه ( وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) (٥).
وقال عز وجل في الأئمة من أهل بيته وعترته ـ : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) (٦).
وإن العبد إذا اختاره الله لأمور عباده شرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده الجواب ولا يحير فيه عن الصواب.
وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطايا والزلل والعثار فخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه و ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ، فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدموه؟
تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله ( فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) (٧) فذمهم الله ومقتهم أنفسهم فقال عز وجل ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٨) وقال عز وجل ( فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) (٩) وقال عز وجل ( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) (١٠).
وروي عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام أنه قال : للإمام
__________________
(١) البقرة : ٩٣.
(٢) يونس : ٣٥.
(٣) البقرة : ٢٦٩.
(٤) البقرة : ٢٤٧.
(٥) النساء : ١٠٢
(٦) النساء : ٥٤.
(٧) آل عمران : ١٨٧.
(٨) القصص : ٥٠.
(٩) محمد : ٨.
(١٠) المؤمن : ٣٥.