قال رأته القلوب بنور الإيمان وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها اقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤيته.
قال أليس هو قادر [ قادرا ] أن يظهر لهم حتى يروه فيعرفونه فيعبد على يقين قال ليس للمحال جواب قال فمن أين أثبت أنبياء ورسلا؟
قال عليهالسلام إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه ولا أن يلامسوه ولا أن يباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه وثبت عند ذلك أن له معبرون [ معبرين ] هم أنبياء الله وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين عنه مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فلا تخلو الأرض من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته.
ثم قال عليهالسلام بعد ذلك نحن نزعم أن الأرض لا تخلو من حجة ولا تكون الحجة إلا من عقب الأنبياء ما بعث الله نبيا قط من غير نسل الأنبياء وذلك أن الله شرع لبني آدم طريقا منيرا وأخرج من آدم نسلا طاهرا طيبا أخرج منه الأنبياء والرسل هم صفوة الله وخلص الجوهر طهروا في الأصلاب وحفظوا في الأرحام ـ لم يصبهم سفاح الجاهلية ولا شاب أنسابهم لأن الله عز وجل جعلهم في موضع لا يكون أعلى درجة وشرفا منه فمن كان خازن علم الله وأمين غيبه ومستودع سره وحجته على خلقه وترجمانه ولسانه لا يكون إلا بهذه الصفة فالحجة لا يكون إلا من نسلهم يقوم النبي صلىاللهعليهوآله في الخلق بالعلم الذي عنده وورثه عن الرسول إن جحده الناس سكت وكان بقاء ما عليه الناس قليلا مما في أيديهم من علم الرسول على اختلاف منهم فيه قد أقاموا بينهم الرأي والقياس وإنهم إن أقروا به وأطاعوه وأخذوا عنه ظهر العدل وذهب الاختلاف والتشاجر واستوى الأمر وأبان الدين وغلب على الشك اليقين ولا يكاد أن يقر الناس به ولا يطيعوا له أو يحفظوا له بعد فقد الرسول وما مضى رسول ولا نبي قط لم تختلف أمته من بعده وإنما كان علة اختلافهم خلافهم على الحجة وتركهم إياه.
قال فما يصنع بالحجة إذا كان بهذه الصفة قال قد يقتدى به ويخرج عنه الشيء بعد الشيء مكانه منفعة الخلق وصلاحهم فإن أحدثوا في دين الله شيئا أعلمهم وإن زادوا فيه أخبرهم وإن نفذوا منه شيئا أفادهم.
ثم قال الزنديق من أي شيء خلق الله الأشياء؟ قال لا من شيء.
فقال كيف يجيء من لا شيء شيء؟
قال عليهالسلام إن الأشياء لا تخلو إما أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء فإن كان خلقت من شيء