قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإحتجاج [ ج ١ ]

الإحتجاج [ ج ١ ]

231/526
*

__________________

ـ زحف إلى عند أبي طالب ، فقال له عبد المطلب : يا أبا طالب إني قد عرفت ديانتك وأمانتك ، فكن له كما كنت له.

وروي : أنه قال له : يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به ، انظر كيف تحفظني فيه ، قال أبو طالب : يا أبه لا توصني بمحمد فانه ابني وابن أخي ، فلما توفي عبد المطلب ، كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه ، وعلى جميع أهله.

فلما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدع بالأمر امتثالا لقوله تعالى ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) ونزل قوله تعالى : ( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) أجمعت قريش على خلافه فحدب عليه أبو طالب (عليه‌السلام) ومنعه وقال :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتى أوسد بالتراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة

وابشر بذاك وقر منك عيونا

ودعوتني وزعمت أنك ناصح

فلقد صدقت وكنت قبل أمينا

وعرضت دينا قد عرفت بأنه

من خير أديان البرية دينا

وروي عن زين العابدين (عليه‌السلام) : أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنده فقالوا : نسألك من ابن أخيك النصف. قال : وما النصف منه؟ قالوا : يكف عنا ونكف عنه ، فلا يكلمنا ولا نكلمه ، ولا يقاتلنا ولا نقاتله ، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب ، وزرعت الشحناء ، وأنبتت البغضاء. فقال : يا ابن أخي أسمعت؟ قال : يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي ، وقبلوا نصيحتي ، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى دينه الحنيفية ملة إبراهيم ، فمن أجابني فله عند الله : الرضوان والخلود في الجنان ، ومن عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ، فقالوا : قل له : يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء ، فنزل : ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ ) قالوا : إن كان صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ، ومن يكفر ، فان وجدناه صادقا آمنا به فنزل : ( ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ ) قالوا : والله لنشتمنك وإلهك فنزل : ( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ ) قالوا : قل له : فليعبد ما نعبد ، ونعبد ما يعبد ، فنزلت سورة الكافرين. فقالوا : قل له أرسله الله إلينا خاصة ، أم إلى الناس كافة؟ قال بل إلى الناس ارسلت كافة : إلى الأبيض والأسود ، ومن على رءوس الجبال ، ومن في لجج البحار ، ولأدعون ألسنة فارس والروم ، ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) فتجبرت قريش واستكبرت وقالت : والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا ، فنزلت ( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) وقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ* ) فقال المطعم بن عدي : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على أن يتخلصوا مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا.

فقال أبو طالب : والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت على خذلاني ، ومظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، فوثبت كل قبيلة على ما فيها من المسلمين يعذبونهم ، ويفتنونهم عن دينهم ، ويستهزءون بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب منهم ، وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا تصنع ما تصنع في بني هاشم ، فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والقيام دونه الا أبا لهب.

وله في الدفاع عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مواقف شهيرة وشعر رواه الفريقان ، نذكر فيما يلي نموذجا منها :

منها : ما روي من أبا جهل بن هشام جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ساجد وبيده حجر يريد أن يرميه به ، فلما رفع يده لصق الحجر بكفه فلم يستطع ما أراد ، فقال أبو طالب :

أفيقوا بني غالب وانتهوا

عن الغي من بعض ذا المنطق

والا فاني إذن خائف

بواثق في داركم تلتقي

تكون لغيركم عبرة

ورب المغارب والمشرق

كما نال من لان من قبلكم

ثمود وعاد وما ذا بقي

غداة أتاهم بها صرصر

وناقة ذي العرش قد تستقي

فحل عليهم بها سخطه

من الله في ضربة الأزرق

غداة يعض بعرقوبها

حساما من الهند ذا رونق

وأعجب من ذاك في أمركم

عجائب في الحجر الملصق